١٢

{فريضة من اللّه إن اللّه كان عليماً حكيماً ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهنّ ولد فلكم الربع ممّا تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ولهن} يعني وللزوجات {الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ الأمر أَةٌ} نظم الآية : وإن كان رجل أو امرأة يورث كلالة،

وهو نصب على المصدر،

وقيل : على الحال،

وقيل : على خبر ما لم يسمّ فاعله،

تقديرها : وإن كان رجل يورث ماله كلالة.

وقرأ الحسن وعيسى : (يورِث) بكسر الراء (جعلا) فعلا له.

واختلفوا في الكلالة :

فقال الضحاك والسدي : هو الموروث. سعيد بن جبير : هم الورثة. النضر بن شميل : هو المال. واختلفوا أيضاً في معناه وحكمه :

فروى أنس عن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) أنه سئل عن الكلالة،

فقرأ آخر سورة النساء،

فردَّ عليه السائل فقال (صلى اللّه عليه وسلم) (لست بزائدك حتى أُزاد).

وروى شعبة عن عاصم الأحول قال : سمعت الشعبي يقول : إن أبا بكر (رضي اللّه عنه) قال في الكلالة : أقضي فيها قضاءاً وأن كان صواباً فمن اللّه وإن يكن خطأ فمن الشيطان ومني،

واللّه بريء منه : هو ما دون الوالد والولد،

يقول : كل وارث دونهما كلالة قال : فلما كان عمر (رضي اللّه عنه) بعده قال : إني لأستحي من اللّه أن أُخالف أبا بكر : هو ما خلا الوالد والولد.

وقال طاوس : هو ما دون الولد. والحكم : هو ما دون الأب. عطية : هم الأُخوة للأُم. عبيد بن عمير : هم الأخوة للأب. وقيل : هم الأخوة والأخوات.

قال جابر بن عبد اللّه : قلت يا رسول اللّه إنما يرثان أُختان لي فكيف بالميراث؟

فنزلت : {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّه يُفْتِيكُمْ فِى الْكَلَالَةِ} .

وقال الأخفش : كل من لم يرثه أب أو أم فهو كلالة.

وقال أهل اللغة : هو من نكللّه النسب إذا أحاط به كالإكليل.

قال أمرؤ القيس :

أصاح ترى برقاً أريك وميضه

كلمع اليدين في حبّي مكلل

فسمّوا كلالة،

لأنهم أحاطوا بالميت من جوانبه وليسوا منه ولا هو منهم،

وأحاطتهم به أنهم ينسبون معه.

قال الفرزدق :

ورثتم قناة الملك غير كلالة

عن ابني مناف عبد شمس وهاشم

وقال بعضهم :

وإن أبا المرؤ أحمى وله

ومولى الكلالة لا يغضب

{وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ} ولم يقل : (ولهما) وقد مضى ذكر الرجل والمرأة على عادت العرب إذا ذكرت اسمين ثم أخبرت عنهما كانا في الحكم سواء،

ربّما أضافت إلى أحدهما وربما أضافت إليهما جميعاً،

يقول : من كان عنده غلام وجارية فليحسن إليه وإليها وإليهما كلها جائز،

قال اللّه عزّ وجلّ : {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ} ونظائرها،

وأراد بهذا الأخ والأُخت من الأمر،

يدل عليه قراءة سعد بن أبي وقاص : وله أخ أو أخت من الأم {فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوا أَكْثَرَ مِن ذلك فَهُمْ شُرَكَآءُ فِى الثُّلُثِ} بينهم بالسوية ذكورهم وإناثهم سواء {مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ} .!

قال علي (عليه السلام) : إنكم تقرؤون الوصيّة قبل الدين وبدأ رسول اللّه بالدين قبل الوصية. وهذا قول عامة الفقهاء،

ومعنى الآية الجمع لا الترتيب {غَيْرَ مُضَآرٍّ} مدخل الضرر على الورثة.

قال الحسن : هو أن توصي بدين ليس عليه {وَصِيَّةً مِّنَ اللّه} .

وقرأ الأعمش : (غير مضار وصية من اللّه) على الإضافة.

{وَاللّه عَلِيمٌ حَكِيمٌ} .

قال قتادة : إن اللّه عزّ وجلّ كره الضرار في الحياة وعند الموت ونهى عنه وقدر فيه،

ولا يصلح مضارة في حياة ولا موت. وفي الخبر من قطع ميراثه في الجنة

﴿ ١٢