١٧{إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّه} قال الحسن : يعني التوبة التي يقبلها اللّه، فتكون على بمعنى عند، أقامه مقام صفة. قال الثعلبي : وسمعت أبا القاسم بن حبيب يقول : سمعت أبا بكر بن عياش يقول : (على) هاهنا بمعنى (من) يقول : إنما التوبة من اللّه للذين يعملون السوء بجهالة، اختلفوا في معنى الجهالة : فقال مجاهد والضحاك : هي العمد. وقال الكلبي : لم يجهل أنه ذنب ولكنه جهل عقوبته. وقال سائر المفسرين : يعني المعاصي كلها، فكل من عصى ربّه فهو جاهل حتى ينزع عن معصيته. قتادة : اجتمع أصحاب رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فرأوا أنّ كل شيء عُصيَ به ربّه فهو جهالة، عمداً كان أو غيره. وقال الزجاج : معنى قوله : {بِجَهَالَةٍ} اختيارهم اللذة الفانية على اللذة الباقية، نظيرها في الأنعام {مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءَا بِجَهَالَةٍ} ، {ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ} معناه قبل أن يحبطون السوء بحسناته فيحبطها. قال السدي والكلبي : القريب ما دام في صحته قبل المرض والموت. عكرمة وابن زيد : ما قبل الموت فهو قريب. أبو مجلن والضحاك : قبل معاينة ملك الموت. أبو موسى الأشعري : هو أن يتوب قبل موته بفواق ناقة. زيد بن أسلم عن عبد الرحمن (السلماني) قال : اجتمع أربعة من أصحاب رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فقال أحدهم : سمعت رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) يقول : (إن اللّه عزّ وجلّ يقبل توبة العبد قبل أن يموت بيوم). قال الثاني : وأنا سمعت رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) يقول : (إن اللّه عزّ وجلّ يقبل توبة العبد قبل أن يموت بنصف يوم). قال الثالث : وأنا سمعت رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) يقول : (إن اللّه عزّ وجلّ يقبل توبة العبد قبل أن يموت بضحوة). فقال الرابع : وأنا سمعت رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) يقول : (إن اللّه عزّ وجلّ يقبل توبة العبد ما لم يغرغر بنفسه). خالد بن (سعدان) عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (من تاب قبل موته بسنة تاب اللّه عليه) ثم قال : (إن السنة لكثير، من تاب قبل موته بشهر تاب اللّه عليه) ثم قال : (إن الشهر لكثير، من تاب قبل موته بجمعة تاب اللّه عليه) ثم قال : (إن الجمعة لكثير، من تاب قبل موته بساعة تاب اللّه عليه) ثم قال : (إن الساعة لكثير، من تاب قبل موته قبل أن يُغرغر بها تاب اللّه عليه). المسيب بن شريك عن عمرو بن عبيد عن الحسن قال : قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (لما هبط إبليس قال وعزتك وعظمتك لا أُفارق ابن آدم حتى يفارق روحه جسده فقال اللّه عزّ وجلّ : وعزتي وعظمتي لا أحجب التوبة عن عبدي حتى يغرغر). وعن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري أن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) قال : (إنّ الشيطان قال وعزتك لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم، قال الربّ تبارك وتعالى : وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لا أزال أغفر لهم ما استغفروا لي). قال الثعلبي : وسمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول : سمعت أبا بكر الرازي يقول : سمعت محمد بن عبد الجبار يقول : يقال للتائب المخلص في توبته ولو بمقدار ساعة من النهار أو بمقدار نفس واحد قبل موته : ما أسرع ما جئت. |
﴿ ١٧ ﴾