٣٢{وَلا تَتَمَنَّوا مَا فَضَّلَ اللّه بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} الآية. يقال : جاءت وافدة النساء إلى رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فقالت : يا رسول اللّه أليس اللّه ربّ الرجال والنساء وأنت رسول اللّه إليهم جميعاً، فما بالنا يذكر اللّه الرجال ولا يذكر النساء؟ نخشى أن لا يكون فينا خير ولا للّه فينا حاجة؟ فأنزل اللّه عزّ وجلّ هذه الآية، وقوله : {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} الآية، وقوله : {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ} . وقيل : لمّا جعل اللّه للذكر مثل حظ الأُنثيين في الميراث، قالت النساء : نحن أحوج إلى أن يكون لنا سهمان وللرجال سهم، لأنا ضعفاء وهم أقوى وأقدر على طلب المعاش منّا، فنزّل اللّه هذه الآية. وقال مجاهد : قالت أم سلمة : يا رسول اللّه يغزوا الرجال ولا نغزوا، وإنما لنا نصف الميراث، فليتنا رجال فنغزوا ونبلغ ما يبلغ الرجال، فنزلت هذه الآية. وقال قتادة والسدي : لما نزل قوله : {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنثَيَيْنِ} ، قال الرجال : إنا لنرجوا أن يفضل علينا النساء بحسناتنا في الآخرة كما فضلنا عليهن في الميراث، فيكون أجرنا على الضعف من أجر النساء. وقالت النساء : إنا لنرجوا أن يكون الوزر علينا نصف ما على الرجال في الآخرة كما لنا الميراث على النصف من نصيبهم في الدنيا، فأنزل اللّه {لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا} من الثواب والعقاب {وَلِلنِّسَآءِ} كذلك، قاله قتادة، وقال أيضاً : هو أن الرجل يجزي بالحسنة عشرة والمرأة تجزي بها عشراً. وقال ابن عباس : للرجال نصيب ممّا اكتسبوا من الميراث، وللنساء نصيب منه {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حظ الأنثيين} ، والإكتساب على هذا القول بمعنى الإصابة والأحراز، فنهى اللّه تعالى عن التمني على هذا الوجه لما فيه من دواعي الحسد. قال الضحاك : لا يحل لمسلم أن يتمنى مال أحد، ألم يسمع الذين قالوا : {يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون} إلى أن قال {وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِامْسِ} حين خسف بداره وأمواله يقولون : {لَوْ أَن مَّنَّ اللّه عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا} . وقال الكلبي : لا يتمنى الرجل مال أخيه ولا امرأته ولا خادمه ولا دابته، ولكن ليقل : اللّهم ارزقني مثله، وهو كذلك في التوراة، وذلك قوله في القرآن : {وَسَْلُوا اللّه مِن فَضْلِهِ} . قرأ ابن كثير وخلف والكسائي : (وَسلوا اللّه) وسل وفسل بغير همزة فنقل حركة الهمزة إلى السين. الباقون : بالهمزة. قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (سلوا اللّه من فضله فإنه يحبّ أن يُسأل وأن من أفضل العبادة إنتظار الفرج). أبو صالح عن أبي هريرة عن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) قال : (من لم يسأل اللّه عزّ وجلّ من فضله غضب عليه). هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت : سلوا ربّكم حتى الشبع من لم يُيسّره اللّه لم يتيسّر. وقال سفيان بن عيينة : لم يأمر بالمسألة إلاّ ليعطي. |
﴿ ٣٢ ﴾