٦٠{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ ءَامَنُوا} الآية. قال الحسن : انطلق رجل يحاكم آخر إلى النبي (صلى اللّه عليه وسلم) فقال : الآخر لابل إنطلق إلى وثن بيت فلان (فأنزل) اللّه هذه الآية. قال الشعبي : كان بين رجل من اليهود ورجل من المنافقين خصومة فقال اليهودي : أحاكمك إلى محمّد، وقال المنافق : لا، فجعل اليهودي يدعو إلى المسلمين لأنّه علم أنهم لايقبلون الرشوة ولا يجورون في الحكم، وجعل المنافق يدعو إلى اليهود لأنّه علم أنّهم يقبلون الرشوة ويميلون في الحكم فاختلفا. ثم اتّفقا على أن يأتيا كاهناً في جهينة فيتحاكما إليه فأنزل اللّه تعالى هذه الآية. الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : نزلت في رجل من المنافقين يقال له بسر، كان بينه وبين يهودي خصومة، فقال : إنطلق بنا إلى محمّد وقال المنافق بل إلى كعب بن الأشرف، وهو الذي سماه اللّه الطاغوت، فأبى اليهودي أن يخاصمه إلاّ إلى رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فلمّا رأى المنافق ذلك أتى معه رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فاختصما إليه، فقضى رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) لليهودي فلما خرجا من عنده لزمه المنافق، وقال : انطلق بنا إلى عمر (رضي اللّه عنه) فأقبلا إلى عمر، فقال اليهودي : اختصمت أنا وهذا إلى محمّد فقضى لي عليه فلم يرضَ بقضائه وزعم أنه يخاصم إليكم وأنه تعلق بي فجئت معه فقال عمر للمنافق : أكذلك؟ قال : نعم. فقال لهما : رويدكما حتى أخرج إليكما فدخل عمر البيت وأخذ السيف ثم خرج إليهما فضرب به المنافق حتى برد وقال. هكذا أقضي بين من لم يرضَ بقضاء اللّه وقضاء رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) وهرب اليهودي ونزلت هذه الآية. وقال جبريل : إن عمر فرق بين الحق والباطل فسمي الفاروق. وقال السدي : كان ناس من اليهود أسلموا وأبى بعضهم وكانت قريضة والنضير في الجاهلية إذا قتل رجل من بني قريضة رجلاً من بني النضير قتل به وأخذ ديته مائة وسق تمر وإذا قتل رجل من بني النضير رجلاً من قريضة لم يقتل به وأعطى ديته ستّين وسقاً من تمر وكانت النضير وهم حلفاء الأوس أكثر وأشرف من قريضة وهم حلفاء الخزرج. فلما جاء اللّه بالإسلام وهاجر النبي (صلى اللّه عليه وسلم) إلى المدينة. قتل رجل من بني النضير رجلاً من قريضة فاختصموا في ذلك. فقالت بنو النضير : قد كنا وأنتم اصطلحنا في الجاهلية على أن نقتل منكم ولا تقتلون منا، وعلى أن ديتكم ستون وسقاً والوسق ستون صاعاً وديتنا مئة وسق فنحن نعطيكم ذلك. وقالت الخزرج : هذا شيء كنتم قلتموه في الجاهلية لأنكم كثرتم وقللنا، فقهرتمونا ونحن وأنتم اليوم إخوة وديننا ودينكم واحد وليس لكم علينا فضل، وقالت بنو النضير : لا بل نحن على ما كنا. فقال المنافقون منهم : انطلقوا إلى أبي بردة الكاهن الأسلمي ومالك بن خزيمة، وقال المسلمون من الفريقين : لا بل إلى النبي (صلى اللّه عليه وسلم) فأبى المنافقون فانطلقوا إلى أبي بردة ليحكم بينهم. فقال : أعظموا اللقمة يعني الرشوة فقالوا : لك عشرة أوسق قال : لا. بل مائة وسق ديتي فاني أخاف إن نصرت النضيري قتلتني قريظة أو أنصر قريظة قتلتني النضير، فأبوا أن يعطوه فوق عشرة أوسق وأبى أن يحكم بينهم، فأنزل اللّه تعالى هذه الآية وأنزل قوله : {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ فِي القَتْلَى} وقوله {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} الآية فدعا النبي (صلى اللّه عليه وسلم) كاهن) اسلم ( إلى الإسلام فأتى وانصرف فقال النبي (صلى اللّه عليه وسلم) لإبنيه : (أدركا أباكما فإنّه إن جاوز عقبة كذا لم يسلم أبداً) فأدركاه فلم يزالا به حتى انصرف وأسلم، فأمر النبي (صلى اللّه عليه وسلم) منادياً ينادي ذلك الكاهن أسلم قد أسلم، فذلك قوله : {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ ءَامَنُوا بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ} يعني الصنم، وقيل : الكاهن، وقيل : كعب بن الأشرف، وقيل : حيي بن أخطب. |
﴿ ٦٠ ﴾