٧٨

{أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ} أي ينزل بكم {الْمَوْتُ} نزلت في قول المنافقين لما أُصيب أهل أحد،

{لَّوْ كَانُوا عِندَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا} فردَّ اللّه عليهم بقوله : {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِى بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} .

قتادة : في قصور محصنة،

عكرمة : مجصّصة مشيّدة مُزيّنة،

القتيبي : مطولة.

الضحاك عن ابن عباس البروج : الحصون والآطام والقلاع.

وفي هذه الآية ردّ على أهل القدر،

وذلك أنّ اللّه حكى عن الكفار أنهم قالوا : {لَّوْ كَانُوا عِندَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا} وقال : {قَدْ أَنْعَمَ اللّه عَلَىَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيدًا} ردَّ على الفريقين بقوله : {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ} فعرّفهم بذلك أن الآجال متى انقضت فلابد من زوال الروح،

ومفارقتها الأجسام.

فإن كان ذلك بالقتل،

وإلاّ فبالموت. خلافاً لما قالت المعتزلة من أن هذا المقتول لو لم يقتله هذا القاتل لعاش،

فوافق قولهم هذا الكفار،

فردَّ اللّه عليهم جميعاً {إن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ} الآية.

نزلت في المنافقين واليهود،

وذلك أنهم قالوا لما قدم رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) المدينة : ما زلنا نعرف النقص في ثمارنا،

ومزارعنا،

منذ قدم علينا هذا الرجل وأصحابه،

فأنزل اللّه تعالى {وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ} يعني اليهود والمنافقين،

أي خصب (وريف) ورخص في السعر {يَقُولُوا هذه مِنْ عِندِ اللّه وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} يعني الجدب وغلاء السعر وقحط المطر {يَقُولُوا هذه مِنْ عِندِكَ} أي من قوم محمد واصحابه.

وقال بعضهم : معناه إن تصبهم حسنة يعني الظفر والغنيمة،

يقولوا هذه من عند اللّه فإن تصبهم سيئة يعني بالقتل والهزيمة،

يقولوا هذه من جندك،

نزلت الذي حملتنا عليه يا محمد {قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللّه} أي الحسنة والسيئة كلها من عند اللّه.

ثم عيّرهم بالجهل.

فقال : {مَا لِهَؤُلاءِ القَوْمِ} يعني المنافقين واليهود {يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} أي ليسوا يفقهون قولاً إلاّ التكذيب بالنعمة.

قال الفراء : قوله فما لهؤلاء القوم كذبوا في الكلام،

حتى توهّموا إن اللام متصلة بها،

وإنهما حرف واحد،

ففصلوا اللام في هؤلاء في بعض المصاحف،

ووصلوها في بعضها والاتصال بالقراءة،

ولايجوز الوقوف على اللام لأنّها لام خافضة.

﴿ ٧٨