١٠٣

{مَا جَعَلَ اللّه} ما أنزل اللّه ولا من اللّه ولا أمر به نظيره قوله {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا} أي أنزلناه،

{مِن بَحِيرَةٍ وَلا سَآبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ} .

وروى محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التميمي عن أبي صالح السمّان عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) لأكتم بن الجون : يا أكثم رأيت عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف يجر قصبة في النار،

فما رأيت من رجل أشبه برجل منك به ولا بك منه،

وذلك إنه أول من غيّر دين إسماعيل ونصب الأوثان،

ونحر البحيرة،

وسيب السائبة،

ووصل الوصيلة،

وحمى الحامي،

ولقد رأيت في النار يؤذي أهل النار ريح قصبه) فقال أكثم : تخشَ أن يضرني شبهه يا رسول اللّه،

قال : (لا أنت مؤمن وهو كافر).

قال : وذلك أن الناقة إذا تابعت ثنتي عشرة إناثاً سيبت فلم يركب ظهرها ولا يجز وبرها ولم يشرب لبنها إلاّ ضيف،

فما نتجت بعد ذلك من أنثى شق أذنها ثم يخلى سبيلها مع إنها في الإبل يركب ظهرها ولا يجز وبرها ولم يشرب لبنها إلاّ ضيف كما فعل بأُمها وهي البحيرة بنت السائبة.

وقال ابن عباس : على إنهم كانوا إذا نتجت الناقة خمسة أبطن نظروا في البطن الخامس،

فإن كان ذكراًنحروه،

فأكله الرجال والنساء جميعاً وإن كانت أنثى شقوا أُذنها فتلك البحيرة ولا يجز لها وبر،

ولا يذكر عليها إسم اللّه إن ذُكيّت ولا يحمل عليها وحرّمت على النساء لا يذقن من ألبانها ولا ينتفعن بها وكانت لبنها ومنافعها خاصة للرجال دون النساء حتى تموت،

وإذا ماتت اشترك الرجال والنساء في أكلها.

وقيل : هو إنهم كانوا إذا ولد السقب بحروا أذنها وقالوا : اللّهم إن عاش ففتي وإن مات فذكي،

فإذا مات أكلوه.

وأما السائبة فكان الرجل يسيب من ماله فيجيء به إلى السدنة فيدفعه إليهم فيطعمون منه أبناء السبيل من ألبانها ولحمانها إلاّ النساء فإنهم كانوا لا يعطونهن منها شيئاً حتى يموت فإذا مات أكلها الرجال والنساة جميعاً.

وقال علقمة : هي العبد (يسيب) على أن لا يكون له ولاء ولا عقل،

وله ميراث. فقال (عليه السلام) : (إنما الولاء لمن أعتق). وإنما أخرجها بلفظ الفاعلة وهي بمعنى المفعولة وهي المسيبة والمخلاة على مذهب قوله (ماء دافق وعيشة) راضية،

وأما الوصيلة فهي الشاة إذا ولدت سبعة أبطن فإن كان البطن السابع ذكراً ذبحوه وأهدوه للآلهة،

وإن كانت أنثى إستحيوها،

فإن كانت ذكراً أو أنثى إستحيوا الذكر من أجل الأنثى.

وقالوا : وصلت أخاها فلم يذبحوه،

وأما الحامي فهو الفحل إذا ركب ولد فيلده قبل حمي ظهره فلا يركب ولا يحمل عليه ولا يمنع من ماء ولا رعي إلا أن يموت فيأكله الرجال والنساء قال اللّه {ولكن الذين يفترون} يختلقون {عَلَى اللّه الْكَذِبَ} في قولهم : واللّه أمرنا بها

﴿ ١٠٣