١٠٧{فَإِنْ عُثِرَ} أي أطلع وظهر وأصل العثر الوقوع والسقوط على الشيء ومنه قوله : عثرت بكذا إذا أصبته وصدمته ووقعت عليه. قال الأعمش : بذات لوث عفرناة إذا عثرت فالتعس أدنى لها من أن أقول لعا يعنى بقوله : عثرت أصاب ميم خفها مجر أو غيره، ثمّ يستعمل في كل واقع على شيء كان عنه خفياً كقولهم في أمثالهم : عثرت على الغزل بأخرة فلم تدع بنجد قردة. {عَلَى أَنَّهُمَا} يعني الوصيين {اسْتَحَقَّآ إِثْمًا} أي استوجبا إثماً بأيمانهما الكاذبة وخيانتهما {فَآخَرَانِ} من أولياء الميت {يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا} يعني مقام الوصيين {مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ} . قرأ الحسن وحفص بفتح التاء وهي قراءة علي وأُبي بن كعب أي وجب عليهم الإثم يقال حق واستحق بمعنى وقال : {اوْلَيَانِ} رجع إلى قوله : فآخران الأوليان ولم يرتفع بالإستحقاق. وقرأ الباقون : بضم التاء على المجهول يعني الذين استحق فيهم ولأجلهم الإثم وهم ورثة الميت، إستحق الحالفان بسببهم وفيهم الإثم على المعنى في كقوله : {عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} . وقال صخر الغي : متى ما تنكروها تعرفوها على أقطارها علق نفيث {اوْلَيَانِ} بالجمع قرأه أكثر أهل الكوفة واختيار يعقوب أي من الذين الأولين. وقرأ الحسن : الأولون، وقرأ الآخرون الأوليان على لغت الآخرين وإنما جاز ذلك، الأولان معرفة والآخران بكثرة لأنه حين قال من الذين وحدهما ووصفهما صار كالمعرفة في المعنى. {فَيُقْسِمَانِ بِاللّه لَشَهَادَتُنَآ} أي واللّه لشهادتنا {أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا} يعني يميننا أحق من يمينهما. نظيره قوله {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَات} في قصة اللعان أراد الأيمان، وهذا كقول القائل : أشهد باللّه وله أقسم {وَمَا اعْتَدَيْنَآ} في يميننا {إِنَّآ إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ} فلما نزلت هذه الآية قام عمرو بن العاص والمطلب بن وداعة السهميان حلفا باللّه بعد العصر مرّة فدفع الجام إليهما وإلى أولياء الميت، وكان تميم الداري بعد ما أسلم وبايع النبي (صلى اللّه عليه وسلم) يقول : صدق اللّه عز قوله أنا أخذت الجام فأتوب إلى اللّه وأستغفره. وإنما إنتقل اليمين إلى الأوليان، لأن الوصيين صح عليهما الإناء ثم ادعيا أنهما ابتاعاه، وكذلك إذا ادعى الوصي أن الموصي أوصى له بشيء ولم يكن ثم بينة، وكذلك إذا ادعى رجل قبل رجل مالا فأقرّ المدعي عليه بذلك ثم ادعى أنه اشتراها من المدعي أو وهبها له المدعي، فإن في هذه المسائل واشتباهها يحكم برد اليمين على المدعي. روى محمد بن إسحاق عن أبي النضير عن باذان مولى أم هاني عن ابن عباس عن تميم الداري، قال : بعنا الجام بألف درهم فقسمناه أنا وعدي فلما أسلمت تأثمت من ذلك بعد ما حلفت كاذباً وأتيت موالي الميت فأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها فوثبوا إليه فأتوا به إلى رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فسألهم البينة فلم يجدوا. فأمر الموالي أن يحلفوا فحلف عمرو والمطلب فنزعت الخمسمائة من عدي ورددت أنا الخمسمائة فذلك قوله |
﴿ ١٠٧ ﴾