١١٠

قوله {إذ قال اللّه يا عيسى ابن مريم} يعني حين قال اللّه يا عيسى بن مريم،

محل عيسى نصب لأنه نداء المنصوب إذا جعلته نداء واحداً،

فإن شئت جعلته ندائين فيكون عيسى في محل الرفع لأنه نداء مفرد وابن في موضع النصب لأنه نداء مضاف،

وتقدير الكلام يا عيسى يابن مريم. نظيره قوله :

يا حكم بن المنذر بن الجارود

أنت الجواد ابن الجواد ابن الجود

ذلك في حكم الرفع والنصب،

وليس بن المنذر عن النصب {اذْكُرْ نِعْمَتِى} قال الحسن : ذكر النعمة شكرها وأراد بقوله نعمتي نعمي لفظه واحد ومعناه الجمع كقوله تعالى {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللّه لا تُحْصُوهَآ} أراد نعم اللّه لأن العدد لا ينفع على الواحد {عَلَيْكَ} يا عيسى {وَعَلَى وَالِدَتِكَ} مريم،

ثم ذكر النعم {إِذْ أَيَّدتُّكَ} قويّتك وأعنتك {بِرُوحِ الْقُدُسِ} يعني جبرئيل {تُكَلِّمُ النَّاسَ فِى الْمَهْدِ} صبياً {وكهلا} نبياً {وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ} قال ابن عباس : أرسله اللّه وهو ابن ثلاثين سنة فمكث في رسالته ثلاثين شهراً ثم رفعه اللّه إليه.

{وإذا علمتك الكتاب} يعني الخط {وَالْحِكْمَةَ} يعني العلم والقيم {وَ التوراة والإنجيل وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ} وتجعل وتصوّر وتقدر إلى قوله {فَتَبَارَكَ اللّه أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} أي المصورين من الطين {كَهَيَْةِ الطَّيْرِ} كصورة الطير.

{بِإِذْنِى فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرَا بِإِذْنِى} حياً يطير بإذني {وَتُبْرِئُ} تصح وتشفي {اكْمَهَ وَابْرَصَ بِإِذْنِى وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى} من قبورهم أحياء {بِإِذْنِى} فأحيا سام بن نوح ورجلين وامرأة وجارية {وَإِذْ كَفَفْتُ} منعت وصرفت {بنى إسرائيل} يعني اليهود {عَنكَ} حين همّوا بقتلك {إِذْ جِئْتَهُم بِالْبَيِّنَاتِ} يعني الدلالات والمعجزات التي ذكرتها {فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَآ } ما هذا {إِلا سِحْرٌ مُّبِينٌ} يعني ما جاءتهم من البينات ومن قال ساحر بالألف فإنه راجع إلى عيسى (عليه السلام) .

محمد بن عبد اللّه بن حمدون،

مكي بن عبدان،

أبو الأزهر عن أسباط عن مجاهد بن عبد اللّه ابن عمير قال : لما قال اللّه لعيسى {اذْكُرْ نِعْمَتِى عَلَيْكَ} كان يلبس الشعر ويأكل الشجر ولا يدخر شيئاً لغد ولم يكن له بيت فيخرب ولا ولد فيموت أينما أدركه الليل بات.

﴿ ١١٠