١١٢{آمنا واشهد بأننا مسلمون إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل}. قرأ علي وعائشة وابن عباس وابن جبير ومجاهد : هل تستطيع بالتاء، ربك بنصب الباء، وهو اختيار الكسائي وأبي عبيد على معنى هل تستطيع أن تدعو ربّك كقوله {وَسْلِ الْقَرْيَةَ} وقالوا : لأن الحواريين لم يكونوا شاكّين في قدرة اللّه تعالى. وقرأ الباقون بالياء قيل : يستطيع ربك برفع الباء فقالوا : إنهم لم يشكوا في قدرة اللّه تعالى وإنما معناه هل ينزل أم لا كما يقول الرجل لصاحبه : هل تستطيع أن تنهض معي وهو يعلم أنّه يستطيع وإنّما يريد هل يفعل أم لا، وأجراه بعضهم على الظاهر، فقالوا : غلط قوم وكانوا مشوا، فقال لهم عيسى عند الغلط استعظاماً لقولهم : هل يستطيع ربك {اتَّقُوا اللّه إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} أي أن تشكوا في قدرة اللّه تعالى أو تنسبوه إلى عجز أو نقصان ولستم بمؤمنين والمائدة هي الخوان الذي عليه الطعام وهي فاعلة إذا أعطاه وأطعمه، كقولهم : ماد يميد، وغار يغير، وامتاد إفتعل ومنه قول روبة : تهدى رؤس المترفين الأنداد إلى أمير المؤمنين الممتاد أي المستعطي. قال رؤبة : والمائدة هي المطعمة المعطية الآكلين الطعام وسمي الطعام أيضاً مائدة على الخوان لأنه يؤكل على المائدة كقولهم للمطر سماء، وللشحم ثرى. وقال أهل الكوفة : سميت مائدة لأنها تميد الآكلون أي تميل ومنه قوله {وَأَلْقَى فِى الأرض رَوَاسِىَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ} . قال الشاعر : وأقلقني قتل الكناني بعده وكادت بي الأرض الفضاء تميد فقال أهل البصرة : هي فاعلة بمعنى المفعول أي تميد بالآكلين إليها، كقوله عيشة راضية أي مرضية، قال عيسى مجيباً لهم {اتَّقُوا اللّه إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} فلا تشكوا في قدرته. وقيل : إتقوا اللّه أن تسألوه شيئاً لم يسأله الأمم قبلكم |
﴿ ١١٢ ﴾