١٦ويدل عليه قوله : {أولئك الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فى الآخرة إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا} في الدنيا {وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} قال مجاهد : هم أهل الربا. وروى ابن المبارك عن حيوة بن شريح قال : حدثني الوليد بن أبي الوليد بن عثمان أن عقبة بن مسلم حدّثه أن شقي بن قابع الأصبحي حدّثنا أنه دخل المدينة فإذا هو برجل قد اجتمع عليه الناس، فقال : من هذا؟ قيل : أبو هريرة. قال : فدنوت منه حتى قعدت بين يديه وهو يحدّث الناس، فلما سكت وخلا، قلت : وانشدك اللّه لما حدثتني حديثاً سمعته من رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (عقلته وعلمته) فقال : لأحدّثنّك حديثاً حدثنيه رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) في (هذا البيت) ثم غشي عليه ثم أفاق فقال : أحدثك حديثاً حدّثنيه رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) ي هذا البيت، ولم يكن أحد غيره وغيري، ثم شهق أبو هريرة شهقة شديدة ثم قال : (فأرى على وجهه ثمّ استغشى) طويلا ثم أفاق فقال : حدثني رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (إن اللّه تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة دعا العباد ليقضي بينهم، وكل أُمة جاثية فأول من يدعو رجل جمع القرآن، ورجل قُتل في سبيل اللّه، ورجل كثير المال. فيقول اللّه للقارئ : ألم أعلّمك ما أنزلت على رسولي؟ قال : بلى يا رب. قال : ماذا عملت فيما علمت؟ قال : كنت أقوم به آناء الليل وآناء النهار، فيقول اللّه تعالى له : كذبت، وتقول له الملائكة : كذبت، فيقول اللّه تعالى : بل أردت أن يقال : فلان قارئ، فقد قيل ذلك، ويؤتى بصاحب المال، فيقول اللّه له : ألم أوسّع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد؟ قال : بلى رب، قال : فماذا عملت فيما آتيتك؟ قال : كنت أصل الرحم وأتصدّق، فيقول اللّه له : كذبت، وتقول الملائكة : كذبت، ويقول اللّه تعالى : بل أردت أن يقال : فلان جواد فقد قيل ذلك. ويؤتى بالذي قُتل في سبيل اللّه فيقال له : في ماذا قُتلت؟ فيقول : أُمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قُتلت، فيقول اللّه : كذبت، وتقول الملائكة : كذبت، ويقول اللّه : بل أردت أن يقال فلان جريء، فقد قيل ذلك) ثم ضرب رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) على ركبتي فقال : (يا أبا هريرة أولئك الثلاثة أول خلق اللّه تسعر بهم النار يوم القيامة). قال الوليد : وأخبرني غيره أن شقياً دخل على معاوية وأخبره بهذا عن أبي هريرة فقال معاوية : وقد فعل بهؤلاء هذا فكيف بمن بقي من الناس؟ ثم بكى معاوية (وضرب خدّيه) حتى ظننّا أنه هالك، ثم أفاق معاوية لا يمسح وجهه وقال : صدق اللّه ورسوله {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحياةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا} وقرأ إلى قوله : {باطل ما كانوا يعملون} . |
﴿ ١٦ ﴾