٣

{هِيَةً} ساهية {قُلُوبِهِمْ} معرضة عن ذكر اللّه،

من قول العرب : لهيت عن الشيء إذا تركته،

ولاهية نعت تقدّم الاسم ومن حقّ النعت أن يتبع الاسم في جميع الاعراب،

فإذا تقدّم النعت الاسم فله حالتان : فصل ووصل،

فحاله في الفصل النصب كقوله سبحانه {خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ} {وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا} و{لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ} . قال الشاعر :

لعزّة موحشاً طلال

يلوح كأنّه خلل

أراد : طلل موحش،

وحاله في الوصل حال ما قبله من الإعراب كقوله تعالى {رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْ هذه الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا} قال ذو الرمّة :

قد أعسف النازح المجهول معسفة

في ظلّ أخضر يدعو هامه البوم

أراد معسفه مجهول وإنّما نصب لانتصاب النازح.

وقال النابغة :

من وحش وجرة موشّي أكارعه

طاوي المصير كسيف الصيقل الفرد

أراد أنّ أكارعه مَوشيّة.

{وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} كان حقّه وأسرّ لأنه فعل تقدّم الاسم فاختلف النحاة في وجهه،

فقال الفرّاء : الذين ظلموا في محلّ الخفض على أنّه تابع للناس في قوله {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ} .

وقال الكسائي : فيه تقديم وتأخير أراد والذين ظلموا أسرّوا النجوى.

وقال قطرب : وهذا سائغ في كلام العرب وحُكي عن بعضهم أنه قال : سمعت بعض العرب يقول : أكلوني البراغيث قال اللّه سبحانه {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِّنْهُمْ} . وقال الشاعر :

بك نال النصال دون المساعي

فاهتدين النبال للأغراض

ويحتمل أن يكون محل الذين رفعاً على الابتداء،

ويكون معناه وأسَروّا النّجوى،

ثمّ قال هم الذين ظلموا

{هَلْ هَذَآ إِلا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ} أنّه سِحر

﴿ ٣