٣٢-٣٣فقال لما فاتته الصلاة : {إنِّي أحْبَبْتُ حُبَّ الخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالحِجَابِ رُدُّوهَا عَلَي} يعني الأفراس وكانت أربعة وعشرون، وبقول : أربعة عشر، فردوها عليه فأمر بضرب سوقها وأعناقها بالسيف فقتلها، وأن اللّه سلبه ملكه أربعة عشر يوماً، لأنه ظلم الخيل بقتلها. فقال علي بن أبي طالبح : كذب كعب الأحبار، لكن سليمان اشتغل بعرض الأفراس ذات يوم، لأنه أراد جهاد عدو حتّى توارت الشمس بالحجاب، فقال بأمر اللّه للملائكة الموطنين بالشمس : ردّوها عليَّ. يعني الشمس، فردوها عليه حتّى صلى العصر في وقتها. فإن أنبياء اللّه لايظلمون ولايأمرون بالظلم ولايرضون بالظلم، لأنهم معصومون مطهّرون، فذلك قوله سبحانه : {إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِىِّ الصَّافِنَاتُ} وهي الخيل القائمة على ثلاث قوائم، وقد أقامت الأخرى على طرف الحافر من يد أو رجل. قال عمر بن كلثوم : تركنا الخيل عاكفة عليه مقلدة أعنتها صفونا. وقال القتيبي : الصافن في كلام العرب الواقف من الخيل وغيرها. قال النبي (صلى اللّه عليه وسلم) (من سرّه أن يقوم له الرجال صفونا فليتبؤا مقعده من النار) أي وقوفاً {الْجِيَادُ} الخيار السراع واحدها جواد {فَقَالَ إِنِّى أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ} يعني الخيل، والعرب تعاقب بين الراء واللام فيقول : انهملت العين وانهمرت، وختلت الرجل وخترته أي خدعته. وقال مقاتل : {حُبَّ الْخَيْرِ} يعني المال وهي الخيل التي عرضت عليه {عَن ذِكْرِ رَبِّى} يعني الصلاة، نظيرها {لا تلهيهم تجارة ولابيع عن ذكر اللّه} ، {حَتَّى تَوَارَتْ} يعني الشمس، كناية عن غير مذكور. كقول لبيد : حتّى إذا ألقت يداً في كافر يعني الشمس {بِالْحِجَابِ} وهو جبل دون قاف بمسيرة سنة، تغرب الشمس من ورائها. {رُدُّوهَا} كرّوها {عَلَىَّ فَطَفِقَ مَسْحَا بِالسُّوقِ وَاعْنَاقِ} أي فأقبل يمسح سوقها وأعناقها بالسيف، وينحرها تقرباً بها إلى اللّه سبحانه وطلباً لرضاه، حيث اشتغل بها عن طاعته، وكان ذلك قرباناً منه ومباحاً له، كما أُبيح لنا ذبح بهيمة الأنعام. وقال قوم : معناه حبسها في سبيل اللّه، وكوى سوقها وأعناقها بكيّ الصدقة. ويقال للكيّة على الساق : علاظ، وللكيّة على العنق : دهاو. وقال الزهري وابن كيسان : كان يمسح سوقها وأعناقها، ويكشف الغبار عنها حباً لها. وهي رواية ابن أبي طلحة عن ابن عبّاس. |
﴿ ٣٢ ﴾