سورة النازعاتمكيّة : وهي ستة وأربعون آية، ومائة وتسعوسبعون كلمة، وثلاثة وسبع مائة وخمسون حرفاً بسم اللّه الرحمن الرحيم ١{وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا} قال مسروق : هي الملائكة التي تنزع نفوس بني آدم، وهي رواية أبي صالح وعطية عن ابن عباس، قال أمير المؤمنين علي كرّم اللّه وجهه : هي الملائكة تنزع أرواح الكافر والكفرة، وقال ابن مسعود : يريد أنفس الكفّار ينزعها ملك الموت من أجسادهم من تحت كلّ شعرة ومن تحت الأظافير وأصول القدمين ثم يفرّقها ويرّددها في جسده بعد ما تنزع حتى إذا كادت تخرج ردّها في جسده فهذا عمله بالكفار، وقال مقاتل : هم )ملك الموت) وأعوانه ينزعون روح الكافر كما ينزع السّفود الكثير الشعب من الصوف المبتل فتخرج نفسه كالغريق في الماء. سعيد بن جبير : نزعت أرواحهم ثم غرّقت ثم حرّقت ثم قذف بها في النار، وقال مجاهد هو الموت ينزع النفوس، السندي : هي النفس حين تغرق في الصدر، وقيل : يرى الكافر نفسه في وقت النزع كأنه يغرق، الحسن وقتادة وابن كيسان وأبو عبيدة والأخفش : هي النجوم تنزع من أفق إلى أفق تطلع ثم تغيب، عطاء وعكرمة : هي القسيّ، وقيل : الغزاة، الرماة، ومجاز الآية : والنازعات إغراقاً كما يغرق النازع في القوس إذا بلغ بها غاية المد (...) الذي عند النصل الملفوف عليه، ويقال لقشرة البيضة الداخلة غرقي، وأراد بالإغراق المبالغة في النزع وهو سابغ في جميع وجوه تأويلها. ٢{وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا} قال ابن عباس : يعني الملائكة تنشط نفس المؤمن فتقبضها كما ينشط العقال من يد البعير إذا حلّ عنها وحكى الفرّاء هذا القول ثم قال : والذي سمعت من العرب أن يقولوا : أنشطت، وكأنما أنشط من عقال، وربطها نشطاً، والرابط : الناشط، وإذا ربطت الحبل في يد البعير فقد نشطته وأنت ناشط، وإذا حللته فقد أنشطته وأنت منشط. وعن ابن عباس أيضاً : هي أنفس المؤمنين عند الموت، ينشط للخروج وذلك أنه ليس من مؤمن يحضره الموت إلاّ عرضت عليه الجنّة قبل أن يموت فيرى فيها أشباهاً من أهله وأزواجه من الحور العين فهم يدعونه إليها، فنفسه إليهم نشيطة ان تخرج فتأتيهم، وقال علي ابن أبي طالب : هي الملائكة تنشط أرواح الكفار ما بين الجلد والأظفار حتى تخرجها من أجوافها بالكرب والغمّ، وقال مجاهد : هو الموت ينشط نفس الإنسان، وقال السندي : حين ينشط من القدمين، عكرمة وعطا : هي الأدهان، قتادة والأخفش : هي النجوم تنشط من أفق إلى أُفق، أي تذهب، يقال : حمارنا ناشط ينشط من بلد إلى بلد أي يذهب، ويقال لبقر الوحش نواشط، لأنها تذهب من موضع إلى موضع. قال الطرماح : وهل بحليف الخيل ممّن عهدته به غير أحدان النواشط روّع والهموم تنشط بصاحبها، قال هميان بن قحافة : أمست همومي تنشط المناشطا الشام بي طوراً وطوراً واسطّا وقال الخليل : النشط والإنشاط مدّك شيئاً إلى نفسك حتى تنحّل. ٣{وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا} قال علي : هي الملائكة تسبح بأرواح المؤمنين، وقال الكلبي : هم الملائكة يقبضون أرواح المؤمنين كالذي يسبح في الماء فأحياناً ينغمس وأحياناً يرتفع يسلونه سلا رفيقاً ثم يدعونها حتى يستريح، وقال مجاهد وأبو صالح : هم الملائكة ينزلون من السماء مسرعين كما يقال للفرس الجواد، سابح إذا أسرع في جريه، وقيل : هي خيل الغزاة. قال امرؤ القيس : مسح إذا ما السابحات على الونى أثرن الغبار بالكديد المركل وقال قتادة : هي النجوم والشمس والقمر. قال اللّه سبحانه : {كُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} وقال عطا : هي السفن. ٤{والسابقات سبقاً} قال مجاهد وأبو روق : سقت ابن آدم بالخير والعمل الصالح، مقاتل : هي الملائكة تسبق بأرواح المؤمنين إلى الجنة، ابن مسعود : هي أنفس المؤمنين تسبق إلى الملائكة الذين يقضونها وقد عاينت السرور شوّقا إلى لقاء اللّه ورحمته وكرامته، عطا : هي الخيل، قتادة : النجوم تسبق بعضها بعضاً في المسير. ٥{فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} يعني الملائكة. أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن جعفر بن الطيب قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن حفص قال : حدّثنا محمد بن خلف قال : حدّثنا أبو نعيم قال : حدّثنا الأعمش عن عمرو ابن مرّة عن عبدالرحمن بن سابط قال : يدبّر أمر الدنيا أربعة : جبريل وميكائيل وملك الموت وإسرافيل (عليهم السلام)، فأما جبريل فوكّل بالرياح، وأما ميكائيل فوكّل بالقطر والنبات وأمّا ملك الموت فوكّل بقبض الأنفس، وأما إسرافيل فهو ينزل بالأمر عليهم. ٦{يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ} يعني النفخة الأولى التي يتزلزل ويتحرّك لها كلّ شيء ٧{تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ} وهي النفخة الأخيرة وبينهما أربعون سنة، قال قتادة : هما صيحتان : أما الأولى فتميت كلّ شيء بإذن اللّه، وأمّا الأخرى فتحيي كلّ شيء بإذن اللّه، وقال مجاهد : {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ} يعني تزلزل الأرض والجبال {تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ} حين تنشق السماء ويحمل الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة، عطا : الراجفة : القيامة، والرادفة البعث، ابن زيد : الراجفة : الموت، والرادفة : الساعة، وأصل : الراجفة : الصوت والحركة ومنه سميت الأراجيف لاضطراب الأصوات بها، وكلّ شيء ولى شيئاً وتبعه فقد ردفه. أخبرنا ابن فنجويه قال : حدّثنا عبداللّه بن محمد بن يوسف قال : حدّثنا محمد بن هارون الحضرمي قال : حدّثنا الحسن بن عرفة قال : حدّثنا قبيصة بن عقبة عن سفيان الثوري عن عبداللّه ابن محمد بن عقيل عن الطفيل بن أبيّ بن كعب عن أبيّ بن كعب، قال : كان رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) إذا ذهب ربع الليل قام وقال : (يا أيها الناس اذكروا اللّه إذكروا اللّه جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه جاء الموت بما فيه). واختلف العلماء في جواب القسم فقال بعض نُحاة الكوفة : جوابه مضمر مجازه : لتبعثن ولتحاسبُن، وقال بعض نُحاة البصرة : هو قوله : {إِنَّ فِى ذلك لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى} وقيل : في الكلام تقديم وتأخير تقديره : يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة والنازعات غرقاً. ٨{قُلُوبٌ يومئذ وَاجِفَةٌ} خائفة، مجاهد : وجلة، السدي : زائلة عن أماكنها، نظيره {إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ} ، المؤرّخ : قلقة، قطرب : مستوفرة، يمان : غير هادئة ولا ساكنة، أبو عمرو بن العلا : مرتكضة، المبرد : مضطربة من وجيف الحركات يقال : وجف القلب ووجب فهو يجف ويجب وجوفاً ووجيفاً ووجوباً ووحيباً. ٩-١٠{أبصارُها خاشعة يقولون} يعني هؤلاء المكذّبين للبعث من مشركي مكّة إذا قيل لهم : إنكم مبعوثون بعد الموت. {أنّا لمردودون في الحافرة} أي إلى أوّل الحال وابتداء الأمر فراجعون أحياء كما كنّا قبل حياتنا وهو من قول العرب : رجع فلان على حافرته إذا أرجع من حيث جاء، وقال الشاعر : أحافرة على صلع وشيب معاذ اللّه من سفه وعار ويقال : البعد عند الحافر وعند الحافرة أي في العاجل عند ابتداء الأمر وأول سومه، والتقى القوم فاقتتلوا عند الحافرة أي عند أول كلمة. أخبرنا أبو بكر الجمشادي قال : أخبرنا أبو بكر القطيعي قال : حدّثنا إبراهيم بن عبداللّه بن مسلم قال : حدّثنا عمر بن مرزوق قال : أخبرنا عمران القطان قال : سمعت الحسن يقول : إنّا لمردودون إلى الدنيا فنصير أحياء كما كنا، قال الشاعر : آليتُ لا أنساكم فاعلموا حتى يردُ الناس في الحافرة وقال بعضهم : الحافرة الأرض التي فيها تحفر قبورهم فسُمّيت حافرة وهي بمعنى المحفورة كقوله سبحانه : {مَّآءٍ دَافِقٍ} و {عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ} ومعنى الآية إنّا لمردودون إلى الأرض فنبعث خلقاً جديداً ثم مردودون في قبورنا أمواتاً، وهذا قول مجاهد والخليل بن أحمد، وقيل : سمّيت الأرض حافرة، لأنها مستقر الحوافر كما سمي القدمُ أرضاً، لأنها على الأرض ومجاز الآية : نرد فنمشي على أقدامنا، وهذا معنى قول قتادة، وقال ابن زيد : الحافرة النار، وقرأ {تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ} قال : هي إسم من أسماء النار وما أكثر أسمائها. ١١{أءذا كنا عظاماً نخرة} قرأ أهل الكوفة وأيوب ناخرة بالألف، وهي قراءة عمر بن الخطاب وابنه وابن عباس وابن الزبير وابن مسعود وأصحابه، واختاره الفراء وابن جرير لوفاق رؤوس الآي، وقرأ الباقون بجرة بغير الألف، وهي اختيار أبي عبيد وأبي حاتم، قال أبو عبيد إنما اخترناه لحجتين : أحديهما : أن الجمهور الأعظم من الناس عليها، منهم أهل تهامة والحجاز والشام والبصرة، والثانية : إنّا قد نظرنا في الآثار التي فيها ذكر العظام التي قد نخرت فوجدناها كلّها العظام النخرة، ولم أسمع في شيء منها الناخرة، وكان أبو عمرو يحتج بحجة ثالثة قال : إنّما يكون تناخره إلى تنخرها، ولم يفعل، وهما لغتان في قول أكثر أهل اللسان مثل : الطمع والطامع والبخل والباخل والفره والفاره والجذر والجاذر، وفرّق بينهما فقالوا : النخرة : البالية، والناخرة : المجوّفة التي تمرّ فيها الريح فتخرّ أي تصوّت. ١٢{قَالُوا} يعني المنكرين {تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ} رجعة غابنة قال اللّه سبحانه : ١٣{فَإِنَّمَا هِىَ زَجْرَةٌ} صيحة ونفخة ١٤{واحدة فإذا هم بالساهرة} يعني وجه الأرض صاروا على ظهر الأرض بعد ما كانوا في جوفها، والعرب تسمي الفلاة ووجه الأرض ساهرة، قال أئمة أهل اللغة تراهم سمّوا ذلك بها )لأنّ فيها نوم الحيوان) سهّرهم فوصف بصفة ما فيه، واستدل ابن عباس والمفسرون بقول أمية بن أبي الصلت : وفيها لحم ساهرة وبحر وما فاهوا به لهم مقيم أي لهم البر والبحر، وقال امرؤ القيس : ولاقيتمُ بعدهُ غبّها فضاقت عليكم به الساهرة وقال ابو ذؤيب : يرتدن ساهرة كأن حميمها وعميمها أسداف ليل مظلم وأخبرنا ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن حمدان قال : حدّثنا ابن لمهان قال : حدّثنا موسى بن إسماعيل قال : حدّثنا جهاد عن أبي سنان عن أبي المنية {فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ} جبل عند البيت المقدّس، وروى الوليد بن مسلم عن عثمان بن أبي العاتكة {فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ} قال الصقع الذي بين جبل حسان وجبل أريحا يمدّه اللّه كيف يشاء، وقال سفيان : هي أرض الشام، وقال قتادة : هي جهنم. ١٥-١٨{هل أتاك حديث موسى إذ ناداه ربّه بالواد المقدّس طوىً إذهب إلى فرعون إنه طغى فقل هل لك إلى أن تزكى} قرأ أهل الحجاز وأيوب ويعقوب بتشديد الزاي أي تتزّكى ومثله روى العباس عن أبي عمرو، غيرهم بتخفيفه ومعناه تسلّم وتصلح وتطهّر. ١٩{وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى} أخبرنا ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن حبيش قال : أخبرنا ابن زنجويه قال : حدّثنا مسلمة قال : حدّثنا عبدالرزاق قال : أخبرنا ابن التيمي عن عبيداللّه بن أبي بكر قال : حدّثني صخر بن جويرية قال : لما بعث اللّه تعالى موسى (عليه السلام) إلى فرعون فقال له : {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} إلى {فَتَخْشَى} ولن يفعل. قال موسى (عليه السلام) : يا رب وكيف أذهب إليه وقد علمت أنه لن يفعل؟ فأوحى اللّه تعالى إليه أن أمضِ إلى من أُمرت به فإن في السماء إثني عشر ألف ملك يطلبون علم القدر فلم يبلغوه ولم يدركوه. ٢٠{فأرياه الآية الكبرى} وهي العصا واليد البيضاء. ٢١-٢٢{فكذّب وعصى ثم أدبر} تولى وأعرض عن الإيمان. {يَسْعَى} يعمل بالفساد ٢٣-٢٤{فَحَشَرَ} فجمع السحرة وقومه {فنادى فقال أنا ربّكم الأعلى} يقول ليس ربّ فوقي، وقيل : أراد أن الأصنام أرباب وأنا ربّها وربكم، وقيل : أراد القادة والسادة ٢٥{فَأَخَذَهُ اللّه} فعاقبه اللّه {نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأولَى} يعني في الدنيا والآخرة، الأولى بالغرق وفي الآخرة بالنار، وقيل : نكال كلمته الأولى وهي قوله سبحانه {مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ اله غَيْرِى} وكلمته الآخرة هي قوله {أَنَا رَبُّكُمُ الأعلى} وكان بينهما أربعون سنة. ٢٦-٢٧{إن في ذلك لعبرة لمن يخشى أأنتم} أيها المنكرون للبعث {أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَآءُ} إن الذي قدر على خلق السماء قادر على أن يحيي الموتى وقوله {لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس} . ٢٨{بناها رفع سمكها} سقفها، قال الفراء : كل شيء حمل شيئاً من البناء وغيره فهو سمك وبناء وسموك {فَسَوَّ اهَا} بلا شطور ولا فطور ٢٩{وَأَغْطَشَ} أظلم {لَيْلَهَا} والغطش أشد الظلمة ورجل أغطش أي أعمى {وأخرج ضحياها} أبرز وأظهر نهارها ونوره. ٣٠{والأرض بعد ذلك دحياها} اختلفوا في معنى الآية، فقال ابن عباس : خلق اللّه سبحانه الأرض بأقواتها من غير أن يدحوها قبل السماء ثم استوى إلى السماء فسوّاهن سبع سموات، ثم دحا الأرض بعد ذلك أي بسطها، قال ابن عباس وعبداللّه بن عمرو : خلق اللّه الكعبة ووضعها على الماء على أربعة أركان قبل أن يخلق الدنيا بألفي عام فدحيت الأرض من تحت البيت، وقيل معناه : والأرض مع ذلك دحاها كما يقال للرجل : أنت أحمق وأنت بعد هذا لئيم الحسب، أي مع هذا، قال اللّه عزّوجل : {عُتُلٍ بَعْدَ ذلك زَنِيمٍ} أي مع ذلك، وقال الشاعر : فقلت لها عني إليك فإنني حرام وإني بعد ذاك لبيب يعني مع ذلك. ودليل هذا التأويل قراءة مجاهد {والأرض عند ذلك دحاها} وقيل بعد بمعنى قبل كقوله سبحانه : {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ} أي من قبل الذكر وهو القرآن، وقال الهذلي : حملت الهي بعد عروة إذا نجا خراش وبعض الشراهون من بعض زعموا أن خراشا نجا قبل عروة. وقراءة العامة {والأرض} بالنصب، وقرأ الحسن {والأرض} رفعها بالأبتداء الرجوع الهاء وكلا الوجهين سائغان في عائد الذكر، والدّحو البسط والمدّ، ومنه أُدحيّ النعامة؛ لأنها تدحوه بصّدرها، يقال : دحا يدحوا دحواً ودحا يدحا دحياً لغتان مثل قولهم طغى يطغو أو يطغي وصغا يصغو ويصغي، ومحا يمحو ويمحي ولحي العود يلحوا أو يلحيّ، فمن قال : يدحو قال دحوت، ومن قال يدحا قال : دحيتُ. ٣١{أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَ اهَا} قال القتيبي : أنظر كيف دلّ بشيئين على جميع ما أخرجه من الأرض قوتاً ومتاعاً للأنعام من العشب والشجر والحبّ والتمر والعصف والحطب واللباس والنار والملح، لأنّ النار من العيدان والملح من الماء. ٣٢{وَالْجِبَالَ أَرْسَ اهَا} قراءة العامة بالنصب وقرأ عمرو بن عبيد بالرفع. ٣٣-٣٤{متاعاً لكم ولأنعامكم فإذا جاءت الطامةُ الكبرى} وهي القيامة سميت بذلك؛ لأنها تطمُ على كلّ هائلة من الأمور فتغمر ما سواها بعظم هولها؛ أي يغلب، والطامة عند العرب الناهية التي لا تُستطاع، وإنّما أخرت من قولهم ظمّ الفرس طميمها إذا استفرغ جهده الجري. أخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن حبيش قال : حدّثنا محمد بن عمران قال : حدّثنا هناد ابن السهى قال : حدّثنا أبو أسامة عن ملك بن مغول عن القاسم الهمداني {فَإِذَا جَآءَتِ الطَّآمَّةُ الْكُبْرَى} قال الحسن : يسوق أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار. ٣٥{يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإنسان مَا سَعَى} عمل في الدنيا من خير أو شر ٣٦-٤٢{وبرّزت الجحيمُ لمن يرى فأمّا من طغى وآثر الحياة الدُنيا فإن الجحيم هي المأوى وأمّا من خاف مقام ربّه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنّة هي المأوى يسئلونك عن الساعة أيان مُرساها} متى ظهورها وثبوتها ٤٣-٤٤{فيم أنت من ذكراها إلى ربّك منتهاها} علمها عند اللّه ولست من علمها في شيء قالت عائشة : لم يزل النبي (صلى اللّه عليه وسلم) يذكر الساعة ويسأل عنها حتى نزلت هذه الآيات. ٤٥{إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَ اهَا} قراءة العامة بالإضافة وقرأ أبو جعفر وابن محيض منذر بالتنوين، ومثله روى العباس عن أبي عمرو. ٤٦{كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا} في الدنيا قيل : في قبورهم، {إلاّ عشيةً أو ضُحيها} قال الفراء : ليس للغاشية ضحى إنّما الضحى لصدر النهار ولكن هذا ظاهر من كلام العرب أن تقولوا أتتك العشية أو عداتها إنما معناه آخر يوم أو أوّله قال وأنشد بعض بني عقيل : نحن صبّحنا عامرا في دارها جردا تعاطى طرفي نهارها عشية الهلال أو سرارها. بمعني عشية الهلال أو عشية سرار العشية. |
﴿ ٠ ﴾