سورة الانفطارمكيّة، وهي تسع عشر آية، وثمانون كلمة، وثلثمائة وسبعة وعشرون حرفاً أخبرني محمد بن القاسم قال : أخبرنا محمد بن مطر قال : حدّثنا إبراهيم بن شريك قال : حدّثنا أحمد بن يونس قال : حدّثنا سلام بن سليم قال : حدّثنا هارون بن كثير عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي أمامة عن أُبيّ بن كعب قال : قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (من قرأ إذا السماء انفطرت اعطاه اللّه سبحانه من الأجر بعدد كل قبر حسنة وبعدد كل قطرة ماء حسنة وأصلح اللّه له شأنه يوم القيامة). بسم اللّه الرحمن الرحيم ١{إِذَا السَّمَآءُ انفَطَرَتْ} انشقت ٢{وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ} تساقطت ٣{وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ} أي فجر بعضها في بعض عدنها في ملحها وملحها في عدنها فصارت بحراً واحداً، وقال الحسن : ذهب ماؤها، وقال الكلبي : مليت. ٤{وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ} بحثت ونثرت وأثيرت فاستخرج ما في الأرض من الكنوز ومن فيها من الموتى أحياء، يقال : بعثرت الحوض وبحثرته إذا هدمته فجعلت أسفله أعلاه، وهذا من أشراط الساعة أن تخرج الأرض أفلاذ كبدها من ذهبها وفضّتها وأموالها ٥{علمت نفسٌ ما ما قدّمت} من عمل صالح أو طالح. {وَأَخَّرَتْ} من سنّة حسنة أو سيئة، وقال عكرمة : ما قدّمت من الفرائض التي أدّتها واخّرت من الفرائض التي ضيّعتها، وقيل : ما قدمت من الأعمال وأخّرت من المظالم، وقيل : ما قدّمت من الصدقات وأخرّت من التركات، وقيل ما قدّمت من الاسقاط والإفراط وما أخرت من الأولاد وهذا جواب إذا. ٦{يا أيّها الإنسان ما غرّك بربّك الكريم} . أخبرنا عبداللّه الفتحوي قال : حدّثنا أبو علي المقريء قال : حدّثنا أبو القاسم ابن الفضل المقريء قال : حدّثنا علي بن الحسين قال : حدّثنا المقدّمي وعلي بن هاشم قالا : حدّثنا كثير بن هشام قال : حدّثنا جعفر بن برقان قال : حدّثني صالح بن مسمار قال : بلغني أن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) تلا هذه الآية : {يا أيّها الإنسان ما غرّك بربّك الكريم} قال : جهله، وقال قتادة : غرّة شيطانه عدوه المسّلط عليه. وحدّثني الحسن بن محمد بن الحسن قال : حدّثني أبي عن جدّي عن علي بن الحسن الهلالي عن إبراهيم بن الأشعث قال : قيل للفضّيل بن عياض : لو أقامك اللّه سبحانه وتعالى يوم القيامة بين يديه فقال : ما غرّك بربّك الكريم ماذا كنت تقول؟ قال : أقول غرني ستورك المرخاة، نظمه محمد ابن السماك فقال : يا كاتم الذنب أما تستحي اللّه في الخلوة ثانيكا غرك من ربّك إمهاله وستره طول مساويكا وقال : مقاتل : غرّه عفو اللّه حين لم يعجّل عليه بالعقوبة، وتلا (نصر) بن مغلس هذه الآية فقال : غرّه رفق اللّه به. وسمعت أبا القاسم الحلبي يقول : سمعت أبي يقول : سمعت علي بن محمد الورّاق يقول : سمعت يحيى بن معاذ يقول : لو أقامني اللّه سبحانه بين يديه فقال : ما غرّك بي؟ قلت : غرّني بك برّك بي سابقاً وآنفاً. وسمعته يقول : أخبرنا عبداللّه بن محمد بن صالح المغافري يقول : سمعت حماد بن بكر يحكي عن بعضهم أنه قال : لو سألني عن هذا ربي لقلت : غرّني حلمك، وسمعته يقول : سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن يزيد النسقي يقول : سمعت أبا عبداللّه حسن أبي بكر الورّاق يقول : سمعت أبا بكر الورّاق يقول : لو قال لي ما غرّك بربّك الكريم لقلت : غرّني كرم الكريم. قال أهل الإشارة : إنّما قال : {بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} دون سائر أسمائه وصفاته؛ لأنه كان لفتة الإجابة حتى يقول : غرّني كرم الكريم، قال منصور بن عمار لو قيل : ما غرّك بي؟ قلت : يا رب ما غرّني إلاّ ما علمته من فضلك على عبادك وصفحك عنهم، وروى أبو وائل عن ابن مسعود قال : ما منكم من أحد إلاّ سيخلو اللّه سبحانه وتعالى به يوم القيامة فيقول : يابن آدم ما غرّك بي يابن آدم ماذا عملت فيما علمت يابن آدم ماذا أجبت المرسلين؟. وسمعت أبا القاسم النيسابوري يقول : سمعت أبا عبداللّه محمد بن عبيداللّه الشامي وأبا الحسن محمد بن الحسين القاضي الجرجاني يقولان : سمعنا إبراهيم بن فاتك يقول : سمعت يوسف بن الحسين يقول : سمعت ذا النون المصري يقول : كم من مغرور تحت الستر وهو لا يشعر. وأنشدني الحسن بن جعفر البابي يقول : أنشدني منصور بن عبداللّه الأصفهاني يقول : أنشدنا أبو بكر بن طاهر الأبهري في هذا المعنى : يا من غلا في الغنى والتيه وغرّه طول تماديه أملى لك اللّه فبارزته ولم تخف غبّ معاصيه ٧{الَّذِى خَلَقَكَ فَسَوَّ اكَ فَعَدَلَكَ} قرأ أهل الكوفة بتخفيف الدال أي صرفك وأمالك إلى أي صورة شاء قبيحاً أو جميلا وقصيراً أو طويلا، وقرأ الباقون بالتشديد أي قوّمك وجعلك معتدل الخلق، وهو اختيار الفراء وأبي عبيد لقوله سبحانه : {لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان فِى أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} . ٨{في أي صورة ما شاء ركّبك} قال مجاهد : في أي شبه أب أو أم أو خال أو عم. وأنبأني عبداللّه بن حامد قال : أخبرنا عبداللّه بن عبدالرحمن العسكري قال : حدّثنا عبدالرحمن بن محمّد بن منصور قال : حدّثنا مطهر بن الهيثم قال : حدّثنا موسى بن علي عن أبيه عن جدّه قال : قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (....) : (وما ولد لك) قال : يا رسول اللّه وما عسى أن يولد لي إمّا غلام وإما جارية. قال (صلى اللّه عليه وسلم) (من شبه) قال : فمن شبه إمه وأباه، فقال النبي (صلى اللّه عليه وسلم) (لا تقل هكذا إنّ النطفة إذا أستقرت في الرحم أحضر اللّه كلّ نسب بينهم وبين آدم، أما قرأت هذه الآية {في أي صورة ما شاء ركّبك} ) قال (صلى اللّه عليه وسلم) (إن شاء في صورة إنسان وإن شاء في صورة حمار وإن شاء في صورة قرد، وإن شاء في صورة كلب وإن شاء في صورة خنزير). ٩{كَلا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ} قراءة العامة بالتاء لقوله سبحانه ١٠{وَإِنَّ عَلَيْكُمْ} وقراءة أبو جعفر بالياء {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ} رقباء يحفظون عليكم أعمالكم. ١١{كِرَامًا} على اللّه {كَاتِبِينَ} يكتبون أقوالكم وأفعالكم. ١٢-١٣{يعلمون ما تفعلون إنّ الأبرار} يعني الذين بروا وصدقوا في إيمانهم بأداء فرائض اللّه وإجتناب معاصيه، وأخبرنا عبدالرحمن بن يحيى العدل قال : حدّثنا علي المؤمل قال : حدّثنا أحمد بن عثمان قال : حدّثنا هشام بن عامر قال : حدّثنا سعد بن يحيى بن عبيداللّه بن الوليد الوصافي عن محارب بن (دثار) عن ابن عمر عن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) قال : (إنما سماهم اللّه الأبرار لأنّهم برّوا الأباء والأبناء، كما أن لوالدك عليك حقاً كذلك لولدك عليك حق). ١٤-١٥{لفي نعيم وإنّ الفجّار لفي جحيم يصلونها} يدخلونها {يَوْمَ الدِّينِ} يوم القيامة ١٦-١٩{وما هم عنها بغائبين وما أدرااك ما يوم الدين ثم ما أدريك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً} قراءة أهل مكّة والبصرة برفع الميم ردّاً على اليوم الأول، وقراءة غيرهم بالنصب أي في يوم، واختاره أبو عبيد قال : لأنها اضافة غير محضة {وَامْرُ يومئذ للّه} . |
﴿ ٠ ﴾