سورة العادياتمكّيّة، وهي مائة وثلاثة وستون حرفاً، وأربعون كلمة، وإحدى عشرة آية أخبرنا الجنازي قال : حدّثنا ابن حبيش قال : أخبرنا أبو العباس الدقّاق قال : حدّثنا عبد اللّه بن روح قال : حدّثنا شبابة قال : حدّثنا مخلد بن عبد الواحد عن علي بن يزيد عن زر عن أبي قال : قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (من قرأ سورة العاديات أُعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من بات بالمزدلفة وشهد جمعاً). بسم اللّه الرحمن الرحيم ١{وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} قال ابن عباس وعطاء ومجاهد وعكرمة والحسن والكلبي وأبو العالية والربيع وعطية وقتادة ومقاتل وابن كيسان : هي الخيل التي تعدو في سبيل اللّه وتضبح وهو صوت أنفاسها إذا أجهدت في الجري فيكثر الربو في أجوافها من شدة العدو، قال ابن عباس : ليس شيء من الدواب يضج غير الفرس والكلب والثعلب. قال أهل اللغة : أصل الضبح والضباح للثعالب فاستُعير في الخيل، وهو من قول العرب : ضبحته النار إذا غيّرت لونه، وإنّما تضبح هذه الحيوانات إذا تغيّرت حالها من تعب أو فزع أو طمع، ونصب قوله : {ضَبْحًا} على المصدر ومجازه : والعاديات تضبح ضبحاً قال الشاعر : لستُ بالتُبِّع اليماني إن لم تضبح الخيل في سواد العراقِ وقال آخر : والعاديات أسابي الدماء بها كأن أعناقها أنصاب ترجيب يعني الخيل. قال مقاتل : بعث رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) سرية إلى حي من كنانة واستعمل عليهم المنذر بن عمر الأنصاري أحد النقباء فتأخر خبرهم، وقال المنافقون : قتلوا جميعاً فأخبره اللّه سبحانه عنها فقال : {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} يعني تلك الخيول غدت حتى ضبحت، وهو صوت ليس بصهيل ولا حمحمة، وقال الحكماء : هو تقلقل الجرذان في القُنب. وقيل : هو صوت إرخاء مشافرها إذا عدت، قال أبو الضحى : وكان ابن عباس يقول : ضباحها أُج أُج. وقال قوم : هي الإبل. أنبأني عبد اللّه بن حامد قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن أبي سعيد قال : حدّثنا الحسن بن محمد بن الصباح قال : حدّثنا مروان بن معاوية قال : حدّثنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح في قوله سبحانه : {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} قال : ما رأى فيه عكرمة ؟ فقال عكرمة : قال ابن عباس : هي الخيل في القتال، فقلت أنا : (قال علي : هي الإبل في الحجّ)، وقلت : مولاي أعلم من مولاك. وقال الشعبي تمارى علي بن عباس في قوله : {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} فقال ابن عباس : هي الخيل، ألا تراه يقول : {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا} فهل تُثير إلاّ بحوافرها، وهل تضبح الإبل ؟ وإنما تضبح الخيل، فقال علي : ليس كما قلت لقد رأيتنا يوم بدر وما معنا إلاّ فرس أبلق للمقداد بن الأسود. وفي رواية أُخرى وفرسٌ لمرثد بن أبي مرثد الغنوي. وأخبرني عقيل بن أبي الفرج، أخبرهم عن أبي جرير قال : حدّثني يونس قال : أخبرنا بن وهب قال : حدّثنا أبو صخر عن أبي لهيعة البجلي عن سعيد بن حسين عن ابن عباس حدّثه قال : بينما أنا في الحجر جالس أتاني رجل فسأل عن العاديات ضبحاً، فقال له : الخيل حين تغير في سبيل اللّه ثم تأوي إلى الليل فيصنعون طعامهم ويورون نارهم، فانفتل عني وذهب إلى علي بن أبي طالب وهو تحت سقاية زمزم وسأله عن العاديات ضبحاً فقال : (سألت عنها أحداً قبلي). قال : نعم، سألت عنها ابن عباس وقال : هي الخيل تغير في سبيل اللّه قال : (اذهب فادعه لي)، فلمّا وقف على رأسه قال : (تفتي الناس بما لا علم لك به، واللّه إن كانت لأول غزوة في الإسلام بدر، وما كان معنا إلاّ فَرَسان : فرس للزبير وفرس للمقداد بن الأسود، فكيف تكون العاديات الخيل، بل العاديات ضبحاً الإبل من عرفة إلى المزدلفة، ومن المزدلفة إلى مِنى). قال ابن عباس : فنزعت عن قولي ورجعت إلى الذي قال علي، وإلى قول علي ذهب ابن مسعود ومحمد بن عمير ومحمد بن كعب والسدي. وقال بعضهم : من قال : هي الإبل قال ضبحاً يعني ضبعاً بمدّ أعناقها في السير وضبحت وضبعت بمعنى واحد، قالت صفية بنت عبد المطّلب : فلا والعاديات غداة جمع بأيديها إذا سطع الغبار |
﴿ ١ ﴾