سورة الإخلاص

مكية،

وهي سبعة وأربعون حرفاً،

وخمس عشر كلمة،

وأربع آيات

أخبرنا الإمام أبو بكر محمد بن الحسن الأصبهاني بقرائتي عليه قال : أخبرنا أبو محمد عبد اللّه بن جعفر بن أحمد بن فارس قال : حدّثنا يونس بن حبيب قال : حدّثنا أبو داود الطيالسي قال : حدّثنا شعبة عن قتادة قال : سمعت سالم بن أبي الجعد يحدث عن معد ابن أبي طلحة عن أبي الدرداء أن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) قال : (أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة) قلت : يارسول اللّه ومن يطيق ذاك؟

١

قال : (إقرؤوا {قُلْ هُوَ اللّه أَحَدٌ} ).

وأخبرني أبو عبد اللّه الحسين محمد بن الفرج قال : حدّثنا محمد بن الزيرقان قال : حدّثنا مروان بن سالم عن أبي عمر مولى جرير بن عبد اللّه قال : قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (من قرأ حين يدخل منزله نفت الفقر عن أهل ذلك المنزل والجيران)

وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن صقلاب قال : حدّثنا ابن أبي الخصيب قال : حدّثني أبي قال : حدّثنا سعيد بن المغيرة قال : حدّثنا محمد بن مروان عن أبان عن أنس قال : قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (من قرأ {قُلْ هُوَ اللّه أَحَدٌ} مرة بورك عليه،

ومن قرأها مرّتين بورك عليه وعلى أهله،

فإن قرأها ثلاث مرات بورك عليه وعلى أهله وعلى جميع جيرانه،

فإن قرأها أثنتي عشر مرة بني له أثنتي عشر قصراً في الجنة ويقول الحفظة : أنطلقوا بنا ننظر الى قصر أخينا،

فإن قرأها مائة كفّر عنه ذنوب خمس وعشرون سنة ما خلا الدماء والأموال،

فإن قرأها أربع مائة مرة كفّرت عنه ذنوب أربعمائة سنة ما خلاء الدماء والأموال،

فإن قرأها ألف مرة لم يمت حتى يرى مكانه في الجنة أو يرى له).

وأخبرنا أبو عمر وأحمد بن أبي الفراتي قال : حدّثنا عبد اللّه بن محمد بن يعقوب قال : حدّثنا عبد اللّه بن جامع الحلواني قال : حدّثنا محمد بن العباس قال : حدّثنا عمر بن سعد العطار الفلزمي قال : حدّثنا ابن أبي ذئب قال : حدّثنا محمد بن غيلان عن أبي حازم عن سهل ابن سعد قال : جاء رجل الى النبي (صلى اللّه عليه وسلم) فشكا إليه الفقر وضيق المعاش فقال له : رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (إذا دخلت بيتك فسلم إن كان فيه أحد وان لم يكن فيه أحد فسلّم (عليّ) وأقرأ {قُلْ هُوَ اللّه أَحَدٌ} مرة واحدة) ففعل الرجل فأدرّ اللّه عليه رزقاً حتى أفاض على جيرانه.

وأخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن بن محمد بن إبراهيم بن يحيى قال : حدّثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد بن بشر قال : حدّثنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني قال : حدّثنا يزيد بن هارون قال : حدّثنا العلاء أبو محمد الثقفي قال : سمعت أنس بن مالك قال : كنا مع رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) بتبوك فطلعت الشمس بضياء وشعاع ونور لم أرها طلعت فيما مضى فأتى جبريل رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فقال : يا جبريل مالي أرى الشمس اليوم طلعت بضياء ونور وشعاع لم أرها طلعت فيما مضى فقال : ذاك أن معاوية بن معاوية الليثي مات بالمدينة اليوم فبعث اللّه سبحانه إليه سبعين ألف ملك يصلّون عليه قال : وفيم ذاك؟

قال : كان يكثر قراءة {قُلْ هُوَ اللّه أَحَدٌ} بالليل والنهار وفي ممشاه وقيامه وقعوده،

فهل لك يارسول اللّه أن أقبض لك الأرض فتصلي عليه قال : (نعم) فصلى عليه ثم رجع.

وأخبرنا أحمد بن أبي قال : حدّثنا عبد اللّه بن محمد بن يعقوب قال : حدّثنا محمد بن عيسى بن يزيد قال : حدّثنا سليمان بن داود المنقري قال : حدّثنا عبد العزيز بن محمد عن عبد اللّه بن عمر عن ثابت البناني عن أنس بن مالك أن رجلا كان يصلي على عهد النبي (صلى اللّه عليه وسلم) فكان لا يقرأ في الصلاة إلا قرأ في أثرها {قُلْ هُوَ اللّه أَحَدٌ} فذكر ذلك لرسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فقال له رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (ما حملك على لزومها)؟

فقال : يارسول اللّه،

إني أحبها.

فقال له رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (حبك إياها يدخلك الجنة).

وأخبرنا ناقل بن راقم بن أحمد البابي قال : حدّثنا علي بن الحسن بن بختيار قال : حدّثنا أبو إبراهيم القطان قال : حدّثنا عثمان بن عبد اللّه القرشي قال : حدّثنا سلمة بن سنان عن محمد ابن المنكدر أن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) قال : (نزل ملك من السماء السابعة وخرج من الأرض السابعة ملك فالتقيا على هذه الأرض فقال الذي نزل من السماء : قد رفعت اليوم عملا لم أرفع مثله،

قال : الذي خرج من تحت الأرض : ما ذاك؟

قال : قرأ رجل {قُلْ هُوَ اللّه أَحَدٌ} مائة مرة قال : ما صُنع به؟

قال : غفر اللّه له).

وأخبرني محمد بن القاسم قال : حدّثنا محمد بن يزيد قال : حدّثنا أبو يحيى البزاز قال : حدّثنا محمد بن الأزهر قال : حدّثنا أبو عامر العقدي عن مالك بن أنس عن عبد اللّه بن عبد الرحمن عن ابن جبير عن أبي هريرة أن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) سمع رجلا يقرأ {قُلْ هُوَ اللّه أَحَدٌ} فقال : (وجبت) قيل : يارسول اللّه وما وجبت؟

قال : (وجبت له الجنة).

وأخبرني محمد بن القاسم قال : حدّثنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن الدشت قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن الحسن بن قريش قال : حدّثنا معاذ بن يوسف التاجر قال : حدّثنا مُسدد ابن مُسرهد قال : حدّثنا حمدان بن رزام قال : حدّثنا محمد بن عبد اللّه عن مالك بن دينار عن أنس بن مالك قال : قال : رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (من قرأ {قُلْ هُوَ اللّه أَحَدٌ} مرة واحدة أعطاه اللّه من الثواب ما يحمل ثوابه سبعين قنطاراً من ياقوت فيفوح منه الروح يحملون كتبه كتباً واحداً أشد تقرطاً من شعر الزنجي وأرق من الشعر).

وأخبرني محمد بن القاسم قال : حدّثنا أبو محمد عبد اللّه بن أحمد بن جعفر قال : أخبرنا أبو حسان العثماني قال : حدثنا أحمد بن عبد الرحمن قال : حدثنا عمي عبد اللّه بن وهب قال : حدثنا ابن لهيعة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن مكحول عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي ابن كعب قال : سئل النبي (عليه السلام) عن ثواب {قُلْ هُوَ اللّه أَحَدٌ} فقال : (من قرأ (قل هو اللّه أحد) تناثر الخير على مفرق رأسه من عنان السماء،

ونزلت عليه السكينة وتغشّاه الرحمن وازدوي حول العرش،

ونظر اللّه سبحانه إلى قارئها فلا يسأله شيء إلا أعطاه إياه ويجعله فى كلائه وحرزه).

بسم اللّه الرحمن الرحيم

{قُلْ هُوَ اللّه أَحَدٌ} أخبرنا الشيخ أبو طاهر محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق المزكى قال : أخبرنا الإمام أبو بدر محمد بن إسحاق بن خزيمة قال : حدثنا أحمد بن منيع ومحمود بن خداش قالا : حدثنا أبو سعد الصغاني قال : حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أُبي بن كعب أن المشركين قالوا لرسول اللّه (عليه السلام) : انسب لنا ربك،

فأنزل اللّه سبحانه {قُلْ هُوَ اللّه أَحَدٌ} الى آخر السورة.

وروى أبو ضبيان وأبو صالح عن ابن عباس أن عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة أتيا النبي (صلى اللّه عليه وسلم) فقال عامر : الى ماتدعونا يا محمد؟

قال : (الى اللّه سبحانه) فقالا : صفه لنا،

أذهب هو أم فضة أم حديد أم من خشب؟

فنزلت هذه السورة،

فأرسل اللّه سبحانه الصاعقة إلى أربد فأحرقته وطعن عامر في خنصره فمات،

وقد ذكرت قصتهما في سورة الرعد.

وقال الضحاك وقتادة ومقاتل : جاء ناس من أحبار اليهود الى النبي (صلى اللّه عليه وسلم) فقالوا : يا محمد صف لنا ربّك لعلنا نؤمن بك فإن اللّه أنزل نعته في التوراة فأخبرنا به من أي شيء هو من أي جنس أمن ذهب هو أو نحاس أم صفر أم حديد أم فضة؟

وهل يأكل ويشرب؟

وممّن ورث الدنيا؟

ومن يورثها؟

فأنزل اللّه سبحانه هذه السورة وهي نسبة اللّه خاصة.

وأخبرني عقيل أن أبا فرج البغدادي أخبرهم عن أبي جعفر الطرفي قال : حدّثنا ابن حميد قال : حدّثنا سلمة قال : حدّثني ابن إسحاق عن محمد بن سعيد قال : أتى رهط من اليهود للنبي (صلى اللّه عليه وسلم) قالوا : يا محمد هذا اللّه خلق الخلق فمن خلقه؟

فغضب النبي حتى أمتقع لونه ثم ساورهم غضباً لربه،

فجاءه جبرائيل فسكّنه وقال : أخفض عليك جناحك يا محمد،

وجاءه من اللّه سبحانه بجواب ما سألوه {قُلْ هُوَ اللّه أَحَدٌ} السورة،

فلما تلا عليهم النبي (صلى اللّه عليه وسلم) قالوا له : صف لنا ربك كيف خلق وكيف عضده وذراعه؟

فغضب النبي (صلى اللّه عليه وسلم) أشد من غضبه الأوّل وساورهم،

فأتاه جبرائيل فقال : له مثل مقالته وأتاه بجواب ما سألوه {ما قدروا اللّه حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة}.

وقال الضحاك عن ابن عباس : إنَّ وفد نجران قدموا على رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) سبعة أساقفة من بني الحرث بن كعب فيهم السيد والعاقب،

فقالوا للنبي (صلى اللّه عليه وسلم) صف لنا ربك من أي شيء هو؟

فقال النبي (صلى اللّه عليه وسلم) (إنَّ ربي ليس من شيء وهو بائن من الأشياء) فأنزل اللّه سبحانه {قُلْ هُوَ اللّه أَحَدٌ} أي واحد.

ولا فرق بين الواحد والأحد عند أكثر أصحابنا يدل عليه قراءة عبد اللّه {قُلْ هُوَ اللّه} (.......].

وفرق قوم بينهما فقال بعضهم : الواحد للفصل والأحد للغاية،

وقيل : واحد بصفاته أحد بذاته،

وقيل : إنَّ الواحد يدلّ على أزليته وأوّليته،

لأنَّ الواحد في الأعداد ركنها وأصلها وميدانها،

والأحد يدل على بينونته من خلقه في جميع الصفات،

ونفي أبواب الشرك عنه،

فالأحد بني لنفي ما يذكر معه من العدد،

والواحد أسم لمفتتح العدد،

فأحد صلح في الكلام في موضع الجحود،

والواحد في موضع الإثبات تقول : لم يأتني منهم أحد وجاءني منهم واحد،

فالمعنى أنه لم يأتني أثنان،

وقال ابن الأنباري : أجد في الأصل واحد كما قالوا للمرأة أناة والأصل ونأة من الوني وهو الفتور قال الشاعر :

رمته أناة من ربيعة عامر

نؤوم الضحى في مأتم أي مأتم

وقال النابغة في الواحد :

كأن رحلي وقد زال النهار بنا

بذي الجليل على مستأنس وحد

سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول : سمعت منصور بن عبد اللّه يقول : سمعت أبا القاسم البزاز يقول : سمعت ابن عطاء يقول في قوله سبحانه {قُلْ هُوَ اللّه أَحَدٌ} : هو المنفرد بإيجاد المفقودات والمتحّد بأظهار الخفيّات.

وقراءة العامة {أَحَدٌ} بالتنوين،

وقرأ الحسن ونصر بن عاصم وابن إسحاق وأبان بن عثمان وهارون بن عيسى {أحد اللّه} بلا تنوين طلباً للخفة وفراراً من التقاء الساكنين كقراءة من قرأ {عُزَيْرٌ ابْنُ اللّه} بغير تنوين.

٢

وأما قوله :

{اللّه الصَّمَدُ} فاختلفوا فيه فقال ابن عباس ومجاهد والحسن وسعيد بن جبير : الذي لا جوف له،

وأما سعيد بن المسيب : الذي لا حشو له،

الشعبي : الذي لا يأكل ولا يشرب،

وإليه ذهب الفرضي،

وقيل : يفتره ما بعده.

أخبرنا محمد بن الفضل قال : أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال : حدثنا أحمد بن منبع ومحمود بن خراش قال : حدّثنا أبو سعد الصعالي قال : حدّثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية عن أبيّ بن كعب قال : الصمد الذي لم يلد ولم يولد،

لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت وليس يرث إلا سيورث وأن اللّه لا يموت ولا يورث.

وقال أبو وائل شفيق بن سلمة : وهو السيّد الذي قد أنتهى سؤدده،

وهي رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : هو السيد الذي قد كمل في جميع أنواع الشرف والسؤدد.

غيره : هو السيد المقصود في الحوائج،

يقول العرب : صمّدت فلاناً أصمده وأصمُده صمْداً بسكون الميم إذا قصدته،

والمصمود صمد كالقبض والنفض،

ويقال : بيت مصمود ومصمّد إذا قصده الناس في حوائجهم قال طرفة :

وأن يلتقي الحي الجميع تلاقني

الى ذروة البيت الرفيع المصمد

وأنشد الأئمة في الصمد :

ألا بكر الناعي بخيري بني أسد

بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد

وقال قتادة : الصمد : الباقي بعد خلقه،

عاصم ومعمر : هو الدائم،

علي بن موسى الرضا : هو الذي أيست العقول عن الإطلاع على كيفيته،

محمد بن علي الترمذي : هو الأزلي بلا عدد،

والباقي بلا أمد،

والقائم بلا عمد،

الحسين بن الفضل : هو الأزلي بلا أبتداء،

وقيل : هو الذي جلّ عن شبه المصورين وقيل : هو بمعنى نفي التجزؤ والتأليف عن ذاته،

ميسرة : المصمت،

ابن مسعود : الذي ليست له أحشاء،

أبو إسحاق الكوفي عن عكرمة : الصمد الذي ليس فوقه أحد،

وهو قول علي ج.

السدي : هو المقصود إليه في الرغائب المستغاث به عند المصائب،

يمان : الذي لاينام،

كعب الأحبار : الذي لا يكافئه من خلقه أحد. ابن كيسان : الذي لا يوصف بصفته أحد،

مقاتل ابن حيان : الذي لا عيب فيه،

ربيع : الذي لا تعتريه الآفات،

سعيد بن جبير أيضاً : الكامل في جميع صفاته وأفعاله،

الصادق : وهو الغالب الذي لا يغلب،

أبو هريرة : المستغني عن كل أحد والمحتاج إليه كل أحد،

مرّة الهمداني : الذي لا يبلى ولا يغنى،

الحسين بن الفضل أيضاً : هو الذي يحكم ما يريد ويفعل ما يشاء لا معقّب لحكمه ولا راد لقضائه.

محمد بن علي : الصمد : الذي لا تدركه الأبصار ولا تحويه الأفكار ولا تبلغه الأقطار وكل شي عنده بمقدار.

ابن عطاء : الصمد : الذي لم يتبّين عليه أثر فيما أظهر،

جعفر : الذي لم يعط لخلقه من معرفته الا الاسم والصفة،

جنيد : الذي لم يجعل لأعدائه سبيلا الى معرفته،

وقيل : هو الذي لا يدرك حقيقة نعوته وصفاته فلا يتسع له اللسان ولا يشير إليه البيان،

ابن عطاء : هو المتعالي عن الكون والفساد،

وقال الواسطي : الذي لا يسحر ولا يستغرق ولا تعترض عليه القواطع والغلل.

وقال جعفر أيضاً : الصمد خمس حروف : فالألف دليل على أحديّته،

واللام دليل على الهيته وهما مدغمان لا يظهران على اللسان ويظهران في الكتابة،

فدلّ على أحديته والهيّته خفية لا يدرك بالحواس،

وأنّه لا يقاس بالناس فخفاءه في اللفظ دليل على أن العقول لا تدركه ولا تحيط به علماً،

وأظهاره في الكتابة دليل على أنه يظهر على قلوب العارفين،

ويبدو لأعين المحبين في دار السلام،

والصاد دليل على صدقه،

فوعده صدق وقوله صدق وفعله صدق ودعا عباده الى الصدق،

والميم دليل على ملكه فهو الملك على الحقيقة،

والدال علامة دوامه في أبديته وأزليته.

٣-٤

{لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا} اختلف القراء فيه،

فقرأ حمزة ويعقوب ساكنة الفاء مهموزة ومثله روى العباس عن أبي عمرو وإسماعيل عن نافع،

وقرأ شيبة مشبعة غير مهموزة ومثله روى حفص عن عاصم،

وقرأ الآخرون مثقلاً مهموزاً وكلّها لغات صحيحة فصيحة ومعناه المثل.

{أَحَدٌ} أي هو واحد،

وقيل : على التقديم والتأخير مجازه : {ولم يكن له أحد كفواً} .

وقال عبد خير : سأل رجل علي بن أبي طالب ج عن تفسير هذه السورة قال : قل هو اللّه أحد بلا تأويل عدد،

اللّه الصمد لا يتبعض بدد،

لم يلد فيكون هالكاً،

ولم يولد فيكون إلهاً مُشارَكاً،

ولم يكن له من خلقه كفؤاً أحد.

وأخبرنا أبو عبدالرحمن السلمي بقراءتي قال : سمعت أبا بكر الرازي يقول : سمعت أبا علي الروذباري يقول : وجدنا أنواع الشرك ثمانية : النقص والتقلّب والكثرة والعدد وكونه علّة أو معلولاً،

والأشكال والأضداد،

فنفى اللّه تعالى عن صفته نوع الكثرة والعدد بقوله : {قُلْ هُوَ اللّه أَحَدٌ} ونفى التنقّص والتقلّب بقوله : {اللّه الصَّمَدُ} ونفى العلل والمعلول بقوله : {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} ونفى الأشكال والأضداد بقول : {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدُ} فحصلت الوحدانية البحت لذلك سمّيت سورة الإخلاص.

﴿ ٠