٢وأما قوله : {اللّه الصَّمَدُ} فاختلفوا فيه فقال ابن عباس ومجاهد والحسن وسعيد بن جبير : الذي لا جوف له، وأما سعيد بن المسيب : الذي لا حشو له، الشعبي : الذي لا يأكل ولا يشرب، وإليه ذهب الفرضي، وقيل : يفتره ما بعده. أخبرنا محمد بن الفضل قال : أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال : حدثنا أحمد بن منبع ومحمود بن خراش قال : حدّثنا أبو سعد الصعالي قال : حدّثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية عن أبيّ بن كعب قال : الصمد الذي لم يلد ولم يولد، لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت وليس يرث إلا سيورث وأن اللّه لا يموت ولا يورث. وقال أبو وائل شفيق بن سلمة : وهو السيّد الذي قد أنتهى سؤدده، وهي رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : هو السيد الذي قد كمل في جميع أنواع الشرف والسؤدد. غيره : هو السيد المقصود في الحوائج، يقول العرب : صمّدت فلاناً أصمده وأصمُده صمْداً بسكون الميم إذا قصدته، والمصمود صمد كالقبض والنفض، ويقال : بيت مصمود ومصمّد إذا قصده الناس في حوائجهم قال طرفة : وأن يلتقي الحي الجميع تلاقني الى ذروة البيت الرفيع المصمد وأنشد الأئمة في الصمد : ألا بكر الناعي بخيري بني أسد بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد وقال قتادة : الصمد : الباقي بعد خلقه، عاصم ومعمر : هو الدائم، علي بن موسى الرضا : هو الذي أيست العقول عن الإطلاع على كيفيته، محمد بن علي الترمذي : هو الأزلي بلا عدد، والباقي بلا أمد، والقائم بلا عمد، الحسين بن الفضل : هو الأزلي بلا أبتداء، وقيل : هو الذي جلّ عن شبه المصورين وقيل : هو بمعنى نفي التجزؤ والتأليف عن ذاته، ميسرة : المصمت، ابن مسعود : الذي ليست له أحشاء، أبو إسحاق الكوفي عن عكرمة : الصمد الذي ليس فوقه أحد، وهو قول علي ج. السدي : هو المقصود إليه في الرغائب المستغاث به عند المصائب، يمان : الذي لاينام، كعب الأحبار : الذي لا يكافئه من خلقه أحد. ابن كيسان : الذي لا يوصف بصفته أحد، مقاتل ابن حيان : الذي لا عيب فيه، ربيع : الذي لا تعتريه الآفات، سعيد بن جبير أيضاً : الكامل في جميع صفاته وأفعاله، الصادق : وهو الغالب الذي لا يغلب، أبو هريرة : المستغني عن كل أحد والمحتاج إليه كل أحد، مرّة الهمداني : الذي لا يبلى ولا يغنى، الحسين بن الفضل أيضاً : هو الذي يحكم ما يريد ويفعل ما يشاء لا معقّب لحكمه ولا راد لقضائه. محمد بن علي : الصمد : الذي لا تدركه الأبصار ولا تحويه الأفكار ولا تبلغه الأقطار وكل شي عنده بمقدار. ابن عطاء : الصمد : الذي لم يتبّين عليه أثر فيما أظهر، جعفر : الذي لم يعط لخلقه من معرفته الا الاسم والصفة، جنيد : الذي لم يجعل لأعدائه سبيلا الى معرفته، وقيل : هو الذي لا يدرك حقيقة نعوته وصفاته فلا يتسع له اللسان ولا يشير إليه البيان، ابن عطاء : هو المتعالي عن الكون والفساد، وقال الواسطي : الذي لا يسحر ولا يستغرق ولا تعترض عليه القواطع والغلل. وقال جعفر أيضاً : الصمد خمس حروف : فالألف دليل على أحديّته، واللام دليل على الهيته وهما مدغمان لا يظهران على اللسان ويظهران في الكتابة، فدلّ على أحديته والهيّته خفية لا يدرك بالحواس، وأنّه لا يقاس بالناس فخفاءه في اللفظ دليل على أن العقول لا تدركه ولا تحيط به علماً، وأظهاره في الكتابة دليل على أنه يظهر على قلوب العارفين، ويبدو لأعين المحبين في دار السلام، والصاد دليل على صدقه، فوعده صدق وقوله صدق وفعله صدق ودعا عباده الى الصدق، والميم دليل على ملكه فهو الملك على الحقيقة، والدال علامة دوامه في أبديته وأزليته. |
﴿ ٢ ﴾