٥معناه نعبدك وتستعين بك . والابتداء بذكر المعبود أتمُّ من الابتداء بذكر صفته - التي هي عبادته واستعانته ، وهذه الصيغة أجزل في اللفظ ، وأعذب في السمع . والعبادة الإتيان بغاية ما في ( بابها ) من الخضوع ، ويكون ذلك بموافقة الأمر ، والوقوف حيثما وقف الشرع . والاستعانة طلب الإعانة من الحق . والعبادة تشير إلى بذل الجهد والمُنَّة ، والاستعانة تخبر عن استجلاب الطول والمِنَّة ، فبالعبادة يظهر شرف العبد ، وبالاستعانة يحصل اللطف للعبد . في العبادة وجود شرفه ، وبالاستعانة أمان تلفه . والعبادة ظاهرها تذلل ، وحقيقتها تعزز وتجمُّل : وإذا تذللت الرقاب تقرباً ... مِنَّا إليك ، فعزُّها في ذُلِّها وفي معناه : حين أسلَمْتَني لذالٍ ولام ... ألقيتني في عينِ وزاي فصل : العبادة نزهة القاصدين ، ومستروح المريدين ، ومربع الأنس للمحبين ، ومرتع البهجة للعارفين . بها قُرَّةُ أعينهم ، وفيها مسرة قلوبهم ، ومنها راحة أرواحهم . وإليه أشار صلى اللّه عليه وسلم بقوله : ( أرِحنا بها يا بلال ) ولقد قال مخلوق في مخلوق : يا قوم ثاري عند أسمائي ... يعرفه السامع والرائي لا تدعني إلا بيا عبدها ... فإنه أصدق أسمائي والاستعانة إجلالك لنعوت كرمه ، ونزلك بساحة جوده ، وتسليمك إلى يد حكمه ، فتقصده بأمل فسيح ، وتخطو إليه بخطو وسيع ، وتأمل فيه برجاء قوي ، وتثق بكرم أزلي ، وتنكل على اختيار سابق ، وتعتصم بسبب جوده ( غير ضعف ) . |
﴿ ٥ ﴾