٧١

كما أنَّ تلك البقرة لم يُذللّها العملُ ، ولم تُبْتَذَلُ في المكاسب ، لا لونَ فيها يخالف عِظَمَ لَوْنِها فالإشارة منه أن أهل الولاية الذين لم يتبذلوا بالأغيار لتحصيل ما طلبوا من الأسباب ، ولم يركنوا بقلوبهم إلى الأشكال والأمثال ، ولم يتكلوا على الاختيار والاحتيال ، وليسوا نهباً لمطالبات المنى ، ولا صيداً في مخلب الدنيا ، ولا حكمَ للشهوات عليهم ، ولا سلطان للبشرية تَمَلَّكهم ، ولم يسعَوْا قط في تحصيل مرادهم ، ولم يشقوا لدرك بُغيتهم ، وليس عليهم رقم الأغيار ، ولا سِمَةُ الأسباب - فَهُمْ قائمون باللّه ، فانون عما سوى اللّه ، بل هم محو ، مُصْرِّفُهم اللّه . والغالب - على قلوبهم - اللّه .

وكما أن معبودَهم اللّه كذلك مقصودهم اللّه .

وكما أن مقصودهم اللّه كذلك مشهودهم اللّه ، وموجودهم اللّه ، بل هم محو باللّه و ( . . . ) عنهم اللّه ، وأنشد قائلهم :

إذا شِئتِ أن أرْضَى وترضي وتملكي ... زِمَامِيَ - ما عشنا معاً - وعناني

إذن فارمُقي الدنيا بعيني واسمعي ... بأذني وانطقي بلساني

قوله جلّ ذكره : { قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ } .

طلبوا الحيلة ما أمكنهم فلما ضاقت بهم الحِيَل استسلموا للحكم فتخلصوا من شدائد المطالبات ، ولو أنهم فعلوا ما أمِروا به لما تضاعفت عليهم المشاق .

﴿ ٧١