١٩٧

قوله جلّ ذكره : { الحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ } .

كما أن الحج بالنفوس أَشْهُرٌ معلومات لا ينعقد الإحرام به إلا فيها ، ولا يجوز فعل الحج في جميع السَّنَةِ إلا في وقت مخصوص ، من فاته ذلك الوقت فاته الحج - فكذلك حج القلوب له أوقات معلومة لا يصح إلا فيها ، وهي أيام الشباب؛ فمن لم تكن له إرادة في حال شبابه فليست له وصلة في حال مشيبه ، وكذلك من فاته وقت قصده وحال إرادته فلا يصلح إلا للعبادة التي آخرها الجنة ، فأما الإرادة التي آخرها الوصلة . . فلا .

قوله جلّ ذكره : { فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِى الحَجِّ } .

كذلك الإشارة لمن سلك طريق الإرادة ألا يُعرِّج على شيء في الطريق ، ولا يمزج إرادته بشيء . فمن نَازَعه أو عَارَضَهُ أو زاحمه - سَلَّم الكل للكل ، فلا لأجل الدنيا مع أحدٍ يخاصم ، ولا لشيء من حظوظ النَّفْس والجاه مع أحد يزاحم ، قال تعالى : { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا }[ الفرقان : ٦٣ ] .

قوله جلّ ذكره : { وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّه } .

تكتفي بِعِلْمِه وحُكْمِه عن شهود خَلْقِه وحُكْم خلْقِه وعلم خلْقِه .

قوله جلّ ذكره : { وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِى الأَلْبَابِ } .

تقوى العامة مُجانبة الزلات ، وتقوى الخواص مجانبة الأغيار بالسرائر .

قوله جلّ ذكره : { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلاً مِّن رَبِّكُمْ } .

الإشارة فيه أن ما تبتغي من فضل اللّه مما يُعينك على قضاءِ حقِّه ، ويكون فيه نصيب للمسلمين أو قوة للدين - فهو محمود . وما تطلبه لاستيفاء حظك أو لما فيه نصيب لنفسك - فهو معلول .

قوله جلّ ذكره : { فَإذَا أَفَضْتُمْ مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللّه عِنْدَ المَشْعِرِ الحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ } .

الإشارة فيه إذا وقفت حتى فمت بحق طلبه فاذكر فضله معك؛ فلولا أنه أَرَادَكَ لما أَرَدْتَهُ ، ولولا أنه اختارك لما آثرتَ رضاه .

﴿ ١٩٧