٢٨

قوله جلّ ذكره : { لاَّ يَتَّخِذِ المُؤْمِنُونَ الكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ المُؤْمِنُونَ } .

من حقائق الإيمان الموالاةُ في اللّه والمعاداة في اللّه .

وأوْلى مَنْ تسومه الهجرانَ والإعراضَ عن الكفار - نَفْسُك؛ فإنها مجبولةٌ على المجوسية حيث تقول : لي ومني وبي ، و

قال اللّه تعالى :{ يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الكُفَّارِ }[ التوبة : ١٢٣ ] .

وإن الإيمان في هذه الطريقة عزيز ، ومن لا إيمان له بهذه الطريقة من العوام - وإن كانوا قد بلغوا من الزهد والجهد مبلغاً عظيماً - فليسوا بأهل لموالاتك ، والشكل بالشكل اليق .

قوله جلّ ذكره : { وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّه فِى شَيءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّه نَفْسَهُ وَإِلَى اللّه المَصِيرُ } .

صحبة الحق سبحانه وقربته لا تكون مقرونة بصحبة الأضداد وقربتهم - ألبتة .

{ وَيُحَذِّرُكُمُ اللّه نَفْسَهُ } : هذا خطاب للخواص من أهل المعرفة ، فأمَّا الذين نزلت رُتْبَتُهم عن هذا فقال لهم : { وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِى }[ آل عمران : ١٣١ ] وقال : { واتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ . . }[ البقرة : ٢٨١ ] . إلى غير ذلك من الآيات .

ويقال : { وَيُحَذِّرُكُمُ اللّه نَفْسَهُ } أن يكون عندكم أنكم وصلتم؛ فإن خفايا المكر تعتري الأكابر ، قال قائلهم :

وأمِنْتُه فأتاح لي من مأمني ... مكراً ، كذا مَنْ يأمن الأحبابا

ويقال : { وَيُحَذِّرُكُمُ اللّه نَفْسَهُ } لأن يجري في وهم أحد أنه يصل إليه مخلوق ، أو يطأ بساطَ العِزِّ قَدَمُ همة بشر ، جلَّتْ الأحدية وعزَّت!

وإنَّ من ظن أنه أقربهم إليه ففي الحقيقة أنه أبعدهم عنه .

﴿ ٢٨