٩٠

الإشارة منه : أن الذين رجعوا إلى أحوال أهل العادة بعد سلوكهم طريق الإرادة ، وآثروا الدنيا ومطاوعة الهوى على طلب الحق سبحانه وتعالى ، ثم أنكروا على أهل الطريقة ، وازدادوا في وحشة ظلماتهم - لن تُقبلَ توبتهم ، { وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ } عن طريق الحق فإنه لا يقبل الأمانة بعد ظهور الخيانة . وعقوبتهم أنهم على ممر الأيام لا يزدادون إلا نفرة قلب عن الطريقة ، ولا يتحسرون على ما فاتهم من صفاء الحالة . ولو أنهم رجعوا عن إصرارهم لها لقُبِلت توبتهم ، ولكن الحق سبحانه أجرى سنته مع أصحاب الفترة في هذه الطريقة إذا رجعوا إلى أصول العادة ألا يتأسَّفوا على ما مضى من أوقاتهم .

قال تعالى : { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ }[ الأنعام : ١١٠ ] وإن المرتدَّ عن الإسلام لأشدُّ عداوة للمسلمين من الكافر الأصلي ، فكذلك الراجع عن هذه الطريقة لأشد إنكاراً لها وأكثر إعراضاً عن أهلها من الأجنبيِّ عنها .

﴿ ٩٠