١٠٣

الاعتصامُ بحبله - سبحانه - التمسك بآثار الواسطة - العزيز صلوات اللّه عليه - وذلك بالتحقق والتعلُّق بالكتاب والسُّنَّة .

ويصح أن يقال : الخواص يُقال لهم { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّه } ، وخاص الخاص قيل لهم { وَاعْتَصِمُوا بِاللّه } ، ولِمَنْ رجع عند سوانحه إلى اختياره واحتياله ، أو فكرته واستدلاله ، أو معارفه وأشكاله ، والتجأ إلى ظل تدبيره ، واستضاء بنور عقله وتفكيره - فمرفوع عنه ظل العناية ، وموكول إلى سوء حاله .

وقوله : { وَلاَ تَفَرَّقُوا } : التفرقة أشد العقوبات وهي قرينة الشِرْك .

وقوله : { وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّه عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أعداءً } . وكانوا أعداء حين كانوا قائمين بحظوظهم ، مُعَرِّجِين على ضيق البشرية ، متزاحمين بمقتضى شُحِّ النفوس .

{ فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ } : بالخلاص من أسْرِ المكونات ، ودَفَعَ الأخطار عن أسرارهم ، فصار مقصودُهم جميعاً واحداً؛ فلو ألَّفَ ألْفَ شخص في طلبٍ واحدٍ - فهم في الحقيقة واحد .

{ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا } نعمته التي هي عصمته إياكم ، إخواناً مُتَّفقِي القصدَ والهمة ، متفانين عن حظوظ النَّفْس وخفايا البخل والشحُّ .

{ وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ } : بكونكم تحت أسْرِ مُنَاكم ، ورباط حظوظكم وهواكم .

{ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا } : بنور الرضاء ، والخمود عند جريان القضاء ، وتلك حقاً هي المكانة العُظمى والدرجة الكبرى ، ويدخل في هذه الجملة تَرْكُ السكون إلى ما مِنْك من المناقب والتُّقى ، والعقل والحجا ، والتحصيل والنُّهى ، والفرار إلى اللّه - عزَّ وجلَّ - عن كل غَيْر وسوى .

﴿ ١٠٣