١٨١

هذا الخطاب لو كان بين المخلوقين لكان شكوى . والشكوى إلى الأولياء من الأعداء سُنَّةُ الأحباب .

ويقال علم أن في المؤمنين مَنْ يغتاب الناس ، وذلك قبيح من قالتهم ، فَأَظْهَرَ قُبْحاً فوق ذلك ليتصاغر قبح قول المؤمنين بالإضافة إلى قبح قول الكفار ، فكأنه قال : لئن قبحت قالتهم في الاغتياب فأقبحُ من قولهم قولُ الكفار حيث قالوا في وصفنا ما لا يليق بنعمتنا .

وفيه أيضاً إشارة إلى الدعاء إلى الخَلْق ، والتجاوز عن الخَصْم ، فإن اللّه - سبحانه - لم يسلبهم ما أولاهم مع قبيح ما ارتكبوه من التقصير في حقوقه .

قوله : { سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا } : هذه الكلمة من موجبات الخجلة لأهل التقصير بأدقّ إشارة؛ يعني أنهم وإنْ نَسُوا أحوالهم وأقوالَهم فإنا ننشر لهم ما كتبنا عليهم قال قائلهم :

صحائفُ عِنْدِي للعِتاب طويتها ... سَتُنْشَرُ يوماً والعتابُ يطولُ

سأصبر حتى يجمع اللّه بيننا ... فإنْ نلتقِ يوماً فسوف أقول

﴿ ١٨١