١٤٦

لم يشترط كل هذه الشرائط في رجوع أحدٍ عن جُرْمِه ما اشترط في رجوع المنافقين عن نفاقهم لصعوبة حالهم في كفرهم . وبعد تحصيلهم هذه الشروط قال لهم : { فَأُوْلَئِكَ مَعَ المُؤْمِنِينَ } ولم يقل من المؤمنين ، وفي هذا إشارة أيضاً إلى نقصان رتبتهم وإن تداركوا بإخلاصهم ما سبق من آفتهم ، وفي معناه أنشدوا :

والعُذر مبسوطٌ ولكنما ... شتان بين العذر والشكر

ويقال إن حرف ( مع ) للمصاحبة ، فإذا كانوا مع المؤمنين استوجبوا ما يستوجب جماعة المؤمنين ، فالتوبة ههنا أي رجعوا عن نفاقهم ، وأصلحوا - بصدقهم في إيمانهم ، واعتصموا باللّه بالتبرؤ من حولهم وقوتهم ، وشاهدوا المِنَّة للّه عليهم حيث هداهم ، وعن نفاقهم نجَّاهم .

قوله : { وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ للّه } : ونجاتهم بفضل ربهم لا بإيمانهم في الحال ، ورجوعهم عن نفاقهم فيما مضى عليهم من الأحوال .

ويقال أخلصوا دينهم للّه وهو دوام الاستعانة باللّه في أن يثبتهم على الإيمان ، ويعصمهم عن الرجوع إلى ما كانوا عليه من النفاق .

ويُقال : تابوا عن النفاق ، وأصلحوا بالإخلاص في الاعتقاد ، واعتصموا باللّه باستدعاء التوفيق وأخلصوا دينهم للّه في أن نجاتهم بفضل اللّه ولطفه لا بإتيانهم بهذه الأشياء - في التحقيق

﴿ ١٤٦