سورة الأعراف

١

هذه الحروف من المتشابه في القرآن على طريقة قوم من السَلَف ، والحق - سبحانه - مستأثر بعلمها دون خلقه . وعلى طريقة قوم فلها معانٍ تُعْرَف ، وفيها إشارات إلى أشياء توصَف : فالألِف تشير إلى أُلفة الأرواح العطرة أصابت الشكلية مع بعض الأرواح العطرة ، فهي - في التحقيق - في ذلك المعنى كالمتحدة؛ فمنه تقع الألفة بين المتشاكلين ، ولأجل اتحاد المقصود يتفق القاصدون .

ويقال أَلِفَ القلبُ حديثَه فلم يحتشم من بَذْل روحه .

ويقال الألف تجرُّد مَنْ قَصَدَه عن كل غَيْرٍ فلم يتصل بشيء ، وحين استغنى عن كل شيء اتصل به كل شيء على جهة الاحتياج إليه .

ويقال صورة اللام كصورة الألف ولكن لما اتصلت بالحروف تعاقبتها الحركات كسائر الحروف؛ فمرةً أصبحت مفتوحة ، ومرةً مسكونة ، ومرة مرفوعة ، وأمّا الألف التي هي بعيدة عن الاتصال بالعلاقات فباقية على وصف التجرد عن تعاقب الحركات عليها فهي على سكونها الأصلي .

وأمّا الصاد فتشير إلى صدق أحوال المشتاقين في القصد ، وصدق أحوال العارفين في الوجد ، وتشير إلى صدق قلوب المريدين وأرباب الطلب ، إذ العطش نعت كلِّ قاصد ، كما أن الدهشة وصف كل واحد .

ويقال الصاد تبدي محبةً للصدورِ وهو بلاء الأحباب .

ويقال الصاد تطالبك بالصدق في الود ، وأمارة الصدق في الود بلوغ النهاية والكمال ، حتى لا يزيد بالبر ، ولا ينقص بالمنع .

﴿ ١