٤٦

الموافقة بين المسلمين أصلُ الدِّين . وأولُ الفساد ورأسُ الزَّلَلِ الاختلافُ . وكما تجب الموافقة في الدين والعقيدة تجب الموافقة في الرأي والعزيمة .

قال تعالى في صفة الكفَّار : { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى }[ الحشر : ١٤ ] ، وإنما تتحد عزائم المسلم لأنهم كلَّهم يجمعهم التبرِّي مِنْ حوْلِهم وقُوَّتهم ، ويتمحضون في رجوعهم إلى اللّه ، وشهودهم التقدير ، فيتحدون في هذه الحالة الواحدة .

وأمَّا الذين تَوهَّمُوا الحادثاتِ من أنفسهم فَضَلُّوا في ساحات حسبانهم ، وأجْرَوْا الأمور على ما يسنح لرأيهم ، فكلٌّ يبني على ما يقع له ويختار ، فإذا تنازعوا تَشَعَّبَتْ بهم الآراءُ ، وافترقت بهم الطرقُ ، فيضعفون ، وتختلف طُرُقُهم . وكما تجب في الدين طاعةُ رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - تجب طاعة أولي الأمر ، ولهذا يجب في كل وقت نَصْبُ إمام للمسلمين ، ثم لا تجوز مخالفته ، قال النبي - صلى اللّه عليه وسلم - : ( أطيعوه ولو كان عبداً مجده ) وكان الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - إذا بعث سرِيَّةً أمَّر عليهم أميراً وقال : ( عليكم بالسواد الأعظم ) .

وإجماعُ المسلمين حُجَّةٌ ، وصلاة الجماعة سُنَّةٌ مؤكَّدة ، والاتِّباعُ محمودٌ والابتداع ضلالة .

قوله { واصْبِروا } الصبر حَبْسُ النَّفْس على الشيء ، والمأمور به من الصبر ما يكون على خلاف هواك .

{ إِنَّ اللّه مَعَ الصَّابِرِينَ } يتولى بالكافية إذا حصل منهم الثباتُ وحَسُنَ التفويضُ .

﴿ ٤٦