١٦مَنْ ظَنَّ أنه يُقْنَعَ منه بالدعوى - دون التحقق بالمعنى - فهو على غَلَطٍ في حسبانه . والذي طالبهم به من حيث الأمر صِدْقُ المجاهدةِ في اللّه ، وتَرْكُ الركونِ إلى غير اللّه ، والتباعدُ عن مساكَنَةِ أعداءِ اللّه . . ثِقةً باللّه ، واكتفاءً باللّه ، وتبرِّياً من غير اللّه . وهذا الذي أمرهم به ألا يتخذوا من دون المؤمنين وليجةً فالمعنى فيه : ألا يُفْشُوا في الكفارِ أسرارَ المؤمنين . وأولُ مَنْ يهجره المسلمُ - لئلا تَطَّلِعَ على الأسرار - نَفْسُه التي هي أعدى عدوِّه ، وفي هذا المعنى قال قائلهم : كتابي إليكم بعد موتي بليلةٍ ... ولم أدرِ أَنِّي بعد مَوْتِيَ أكتب ويقال : إن أبا يزيد - فيما أُخْبِرَ عنه - أنه قال للحقِّ في بعض أوقات مكاشفاته : كيف أطلبك؟ فقال له : فَارِقْ نَفْسَكَ . ويقال إن ذلك لا يتمُّ ، بل لا تحصل منه شظيَّة إلا بكَيِّ عُرُوقِ الأطماعِ والمطالباتِ لِمَا في الدنيا ولِمَا في العُقبى ولِمَا في رؤية الحال والمقام - ولو بِذَرَّةٍ . والحريةُ عزيزةٌ . . . قال قائلهم : أتمنى على الزمانِ مُحَالاً ... أَنْ ترى مُقْلَتَايَ طَلْعَةَ حُرِّ |
﴿ ١٦ ﴾