٦

قوله جلّ ذكره : { وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إلاَّ عَلَى اللّه زِزْقُهَا } .

أراح القلوبَ من حيرة التقسيم ، والأفكارَ من نَصَبِ التفكير في باب الرزق حيث قال : { إلاَّ عَلَى اللّه رِزْقُهَا } فَسكَنَتْ القلوبُ لمَّا تَحَقَّقَتْ أنَّ الرزقَ على اللّه .

ويقال إذا كان الرزق على اللّه فصاحبُ الحانوتِ في غَلَطٍ من حسبانه . ثم إن اللّه سبحانه بيَّنَ أَنَّ الرزقَ الذي ( عليه ) ما حالُه فقال : { وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ } [ الذاريات : ٢٢ ] ، وما كان في السماءِ لا يوجد في السوق ، ولا في التَّطواف في الغرب والشرق .

ويقال الأرزاق مختلفة فَرِزْقُ كل حيوانٍ على ما يليق بصفته .

ويقال للنفوسِ رزقٌ هو غذاءُ طريقُه الخْلقُ ، وللقلوب رزق وهو ضياءٌ مُوجِدُهُ الحق .

ويقال لم يقل ما يستهيه أو مقدار ما يكفيه بل هو موكولٌ إلى مشيئته؛ فَمِنْ مُوَسَّعٍ عليه ومِنْ مُقَتَّرِ .

قوله جلّ ذكره : { وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } .

قيل أراد به أصلابَ الآباءِ وأرحامً الأمهات ، أو الدنيا والآخرة . ويقال مُسْتَقرُّ المريد بباب شيخِه كمستقرُّ الصبي بباب والديه ، ويقال مستقر العابدين المساجد ، ومستقر العارفين المشاهد ، فالمساجد مستقر نفوسِ العابدين ، والمشاهِدُ مُسْتَقَرُّ قلوب العارفين .

ويقال مستقرُّ المحب رأسُ سِكَّةِ محبوبِه لعلَّه يشهده عند عبوره .

ويقال المساجِدُ للعابدين مستقرُّ القَدَم ، والمشاهِدُ للعارفين مستقرُّ الهِمَم ، والفقراء مستقرهم سُدَّةُ الكَرَم .

ويقال الكلُّ له مثوىً ومستقر ، أما الموحِّد فإنه مأوى له ولا مستقر ولا مثوى ولا منزل .

ويقال النفوس مستودَعُ التوفيق من اللّه ، والقلوبُ مستودعُ التحقيق من قِبَلِ اللّه .

ويقال القلوبُ مستودعُ المعرفة؛ فالمعرفة وديعة فيها ، والأرواح مستودع المحبة فالمحابُ ودائع فيها . والأسرار مستودع المشاهدات فالمشاهدات ودائع فيها .

﴿ ٦