٢١قوله جلّ ذكره : { وَقَالَ الَّذِى اشْتَراهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِى مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنْفَعَنَآ أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً } . لمَّا نودي على يوسف في مصر بالبيع لم يَرْضَ الحقُّ - سبحانه - حتى أصابتهم الضرورةُ ومَسَّتْهُمْ الفاقة حتى باعوا من يوسف - عليه السلام - جميعَ أملاكهم ، ثم باعوا كلُّهم منه أنْفُسَهم - كما في القصة - وفي آخر أمرهم طلبوا الطعام ، فصاروا بأجمعهم عبيدَه ، ثم إنه عليه السلام لما مَلَكَهم مَنَّ عليهم فأعتقهم؛ فَلَئنْ مَرَّ عليه بمصرَ يومٌ نودي فيه عليه بالبيع؛ فقد أصبح بمصر يوماً آخر وقد ملَكَ جميعَ أملاكهم ، ومَلَكَ رقابَ جميعهم؛ فيومٌ بيومٍ ، قال تعالى : { فَإِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً }[ الشرح : ٥ ] يومان شَتَّان بينهما! ثم إنه أعتقهم جميعاً . . . وكذا الكريمُ إذا قدر غفر . قوله جل ذكره : { وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِى الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ } . أراد مَنْ حَسَدَه أَلا تكونَ له فضيلةٌ على إخوته وذويه ، وأراد اللّه أن يكونَ له مُلْكُ الأرضِ ، وكان ما أراد اللّه لا ما أراد أعداؤه . قوله جلّ ذكره : { وَاللّه غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ } . أرادوا أن يكونَ يوسفُ عليه السلام في الجُبِّ ، وأراد اللّه - سبحانه - أن يكون يوسف على سرير المُلْكِ؛ فكان ما أراد اللّه ، واللّه غالبٌ على أمره . وأرادوا أن يكون يوسفُ عبداً لمن ابتاعوه من السيارة ، وأراد اللّه أن يكونَ عزيزَ مصر- وكان ما أراد اللّه . ويقال العِبْرَةُ لا ترى من الحقِّ في الحال ، وإنما الاعتبارُ بما يظهر في سِرِّ تقديره في المآل . |
﴿ ٢١ ﴾