٤٥

أي من شأن المؤمن وسبيله أن ينتهي عن الفحشاء والمنكر ، أي على معنى ينبغي للمؤمن أن ينتهي عن الفحشاء والمنكر ، كقوله : { وَعَلَى اللّه فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }[ المائدة : ٢٣ ]أي ينبغي للمؤمن أن يتوكل على اللّه ، فإن قُدِّرَ أن واحداً منهم لا يتوكل فلا يخرج به ذلك عن الإيمان - كذلك من لم ينتهِ عن الفحشاء والمنكر فليست تخرج صلاته عن كونها صلاة .

ويقال بل الصلاةُ الحقيقية ما تكون ناهيةً لصاحبها عن الفحشاء والمنكر؛ فإن لم يكن من العبد انتهاءٌ فالصلاةُ ناهيةٌ على معنى ورود الزواجر على قلبه بألا يفعل ، ولكنه يُصِرًّ ولا يطيع تلك الخواطر .

ويقال بل الصلاة الحقيقية ما تنهي صاحبها عن الفحشاء والمنكر . فإن كان - وإلا فصورة الصلاة لا حقيقتها .

ويقال الفحشاء هي الدنيا ، والمنكر هو النّفْس .

ويقال الفحشاء هي المعاصي ، والمنكر هو الحظوظ .

ويقال الفحشاء الأعمال ، والمنكر حسبانُ النجاة بها ،

وقيل ملاحظتُه الأعواض عليها ، والسرور والفرح بمدح الناس لها .

ويقال الفحشاء رؤيتها ، والمنكر طلب العِوض عليها .

{ وَلَذِكْرُ اللّه أَكْبَرُ } : ذكر اللّه أكبر من ذكر المخلوقين؛ لأن ذكره قديم وذكر الخلْق مُحْدَث .

ويقال ذكر العبد للّه أكبر من ذكره للأَشياء الأخرى ، لأن ذكره للّه طاعة ، وذكره لغيره لا يكون طاعة .

ويقال ولذِكْرُ اللّه لَك أكبرُ من ذكرْك له .

ويقال ذكْرهُ لك بالسعادة أكبرُ من ذكْرك له بالعبادة .

ويقال ذكر اللّه أكبر من أن تبقى معه وحشة .

ويقال ذكر اللّه أكبر من أن يُبْقى للذاكر معه ذِكْر مخلوق .

ويقال ذكر اللّه أبر من أن يُبْقى للزّلةِ معلوماً أو مرسوماً .

ويقال ذكر اللّه أكبر من أن يعيش أحدٌ من المخلوقين بغيره .

ويقال ولذكر اللّه أكبر من أن يُبْقَى معه للفحشاء والمنكر سلطاناً؛ فلِحُرمه ذكره زَلاَّتُ الذاكر مغفورةٌ ، وعيوبه مستورةٌ .

﴿ ٤٥