سورة الروم

١-٥

{ الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِى أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِى بِضْعِ سِنِينَ } الإشارة فى ( الألف ) إلى أنه ألِفَ صُحْبتنَا مَنْ عَرف عظمتنا . وأنّه أَلف بلاءنا مَنْ عَرَفَ كبرياءنا .

والإشارة فى ( اللام ) إلى أنه لزمَ بابنا مَنْ ذاق محابّنا ، ولزمَ بساطنَا مَنْ شهد جمالنَا .

والإشارة فى ( الميم ) إلى أَنه مُكِّنَ منْ قُرْبنَا مَنْ قام على خدمتنا ، ومات على وفائنا مَنْ تحقق بولائنا .

قوله { غُلِبَتِ الرُّومُ } : سُرَّ المسلمون بظفر الروم على العجم_ وإن كان الكفر يجمعهم_ إلا أن الروم اختصوا بالإيمان ببعض الأنبياء ، فشكر اللّه لهم ، وأنزل فيهم الأية . . فكيف بمن يكون سروره لدين اللّه ، وحُزنُه واهتمامه لدين اللّه؟ .

قوله جلّ ذكره : { للّه الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللّه يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } .

{ قَبْلُ } إذا أُطْلق انتظم الأزل ، ( وبَعْدُ ) إذا أطلق دلّ على الأبد؛ فالمعنى الأمر الأزلىُّ للّه ، والأمر الأبدىُّ للّه لأنَّ الرَّبِّ الأزلىّ والسَّيِّدَ الأبدىّ اللّه .

للّه الأمرُ يومَ العرفان ، وللّه الأمرُ يومَ الغفران .

للّه الأمرُ حين القسمة ولا حين ، وللّه الأمرُ عند النعمة وليس أى معين .

ويقال : لى الأمرُ { مِن قَبْلُ } وقد علمتُ ما تفعلون ، فلا يمنعنى أحدٌ من تحقيق عرفانكم ، ولي الأمر { مِّن بَعْدِ } وقد رأيتُ ما فعلتم ، فلا يمنعنى أحدٌ من غفرانكم .

وقيل : { للّه الأَمْرُ مِن قَبْلُ } بتحقيق ودِّكم ، واللّه الامر من بعد بحفظ عهدكم :

إني _على جفواتها_ وبربِّها ... وبكلِّ مُتصل بها مُتوسلِ

{ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللّه } :

اليومَ إرجافُ السرور وإنما ... يومَ اللِّقاء حقيقةُ الإرجاف

اليومَ ترحٌ وغداً فرح ، اليوم عَبرة وغداً حَبرة ، اليوم أسف وغداً لطف ، اليوم بكاء وغداً لقاء .

﴿ ١