٣قوله جلّ ذكره : { أَلاَ للّه الدِّينُ الخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقْرِبُونَا ِلَى اللّه زُلْفَى } . الدين الخالص ماتكون جملته للّه؛ فما للعبد فيه نصيب فهو من الإخلاص بعيد ، اللّهم أن يكون بأمره؛ إذا أَمَرَ العبدَ أن يحتسب الأجرَ على طاعته فإطاعته لا تخرجه عن الإخلاص باحتسابه ما أمره به ، ولولا هذا لَمَا صحَّ أَنْ يكونَ في العَالَم مُخْلِصٌ . { وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ . . . } أي الذين عبدوا الاصنام قالوا : { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى اللّه زُلْفَى } ، ولم يقولوا هذا من قِبَلِ اللّه ولا بأمره ولا بإذنه ، وإنما حكموا بذلك من ذات أنفسهم ، فَرَدَّ اللّه عليهم . وفي هذا إشارة إلى أن ما يفعله العبد من القُرَبِ بنشاطِ نَفْسِه من غير أن يقتضيه حُكْمُ الوقت ، وما يعقد بينه وبين اللّه مِنْ عقودٍ ثم لا يَفِي بها . . فكل ذلك اتباعُ هوًى ، قال تعالى : { وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَآءَ رِضْوَانِ اللّه فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا }[ الحديد : ٢٧ ] . قوله جلّ ذكره : { إِنَّ اللّه لاَ يَهْدِى مَنْ هُوَ كّاذِبٌ كَفَّارٌ } . لا تَهديهم اليومَ لدينه ، ولا في الآخرة إلى ثوابه . والإشارة فيه إلى تهديد مَنْ يتعرَّض لغير مقامه ، ويدَّعي شيئاً ليس بصادقٍ فيه ، فاللّه لا يهديه قط إلا ما فيه سَدادُه ورُشْدُه . وعقوبتُه أَنْ يَحْرِمَه ذلك الشيءَ الذي تصدَّى له بدعواه قبل تَحققِه بوجوده وذَوْقِه . |
﴿ ٣ ﴾