سورة الحديد١قوله جلّ ذكره : { سَبَّحَ للّه مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ } . التسبيحُ التقديسُ والتنزيه ، ويكون بمعنى سباحة الأسرار في بحار الإجلال ، فيظفرون بجواهر التوحيد ويَنْظِمونها في عقود الإيمان ، ويُرَصِّعونها في أطواق الوصلة : وقله { مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } المردُ به ( من ) في السموات والأرض ، يسجدون للّه طوعاً وكرهاً؛ طوعاً تسبيحَ طاعةٍ وعبادة ، وكرهاً تسبيح علامة ودلالة . وتُحْملُ ( ما ) عل ظاهرها فيكون لمعنى : ما من مخلوقٍ من عينٍ أو أَثَرِ إلا ويَدُلُّ على الصانع ، وعلى إثبات جلاله ، وعلى استحقاقه لنعوت كبريائه . ويقال : يُسبح للّه ما في السموات والأرض ، كلٌّ واقفٌ على الباب بشاهدِ الطّلَبِ . . . ولكنه - سبحانه عزيزٌ . ويقال : ما تَقَلّب أحدُ من جاحدٍ أو ساجدٍ إلا في قبضة العزيز الواحد ، فما يُصَرِّفهم إلا مَنْ خَلَقَهم؛ فمِنْ مُطيعٍ أَلْبَسَه نطاق وفاقه - وذلك فَضْلُه ، ومِنْ عاصٍ رَبَطَه بمثقلة الخذلان - وذلك عَدْلُه . { وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } : العزيز : المُعِزُّ لِمَنْ طَلَبَ الوصول ، بل العزيز : المتقدِّسُ عن كل وصول . . فما وَصَلَ مَنْ وَصَلَ إلا حظِّه ونصيبه وصفته على ما يليق به . |
﴿ ١ ﴾