سورة الجن١قيل : إن الجنَّ كانوا يأتون السماءَ فيستمعون إلى قولِ الملائكة ، فيحفظونه ، ثم يلقونه إلى الكهنة ، فيزيدون فيه وينقصون . . . وكذلك كانوا في الفترة التي بين نبيِّنا صلى اللّه عليه وسلم وبين عيسى عليه السلام . فلمَّا بُعِثَ نبيُّنا صلى اللّه عليه وسلم ورُجِمُوا بالشُّهُبِ عَلِمَ إبليس أنه وقع شيءٌ ففرَّ جنوده ، فأتى تسعةٌ منهم إلى بطن نخلة واستمعوا قراءته صلى اللّه عليه وسلم فآمنوا ، ثم آتوا قومهم وقالوا : إنَّا سمعنا قرآنا عجباً يهدي إلى الرشد فآمنا به . . . إلى آخر الآيات . وجاءه سبعون منهم وأسلموا وذلك قوله تعالى : { وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ . . }[ الأحقاف : ٢٩ ] . ٣قوله جلّ ذكره : { وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً } الجَدَّ العظمة ، والعظمةُ استحقاقُ نعوتِ الجلال . . ٤{ وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللّه شَطَطاً } . أراد بالسفيه الجاهل باللّهيعني إبليس . والشطط السَّرَف . ٥{ وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللّه كَذِباً } . في كفرهم وكلمتهم بالشِّرك . ٦{ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً } . أَي ذِلة وصغاراً؛ فالجنُّ زادوا للإنس ذِلَّةً ورهقاً فكانوا إذا نزلوا يقولون : نعوذ بربِّ هذا الوادي فيتوهم الجنُّ انهم على شيء { فَزَادُوهُمْ رَهَقاً } حيث استعاذوا بهم . ٧قوله جلّ ذكره : { وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللّه أَحَدَاً } . أي ظنُّوا كما ظنَّ الكفارُ من الجن أَلاّ بعثَ ولا نشور - كما ظننتم إيها ألإنس . ٨{ وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَآءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيدَاً وَشُهُباُ } . يعني حين منعوا عن الاستماع . ٩-١٠{ وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمَعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الأَنَ يَجِدْ لَهُ شَهَاباً رَّصَداً } . فالآن قد مُنِعْنا . { وَأَنَّا لاَنَدْرِى أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِى الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رُشَداً } . ١٦الاستقامة على الطريقة تقتضي إكمالَ النعمةِ وإكثارَ الراحةِ . والإعراضُ عن اللّه يُوجِب تَنَغُّصَ العَيْشِ ودوامَ العقوبة . ١٨قوله جلّ ذكره : { وَأَنَّ المَسَاجِدَ للّه فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللّه أَحَداً } للمسجد فضيلة ، ولهذا خصَّه اللّه سبحانه وأفرده بالذكر من بين البقاع؛ فهو محلُّ العبادة . . وكيف يُحلُّ العابد عنده إذا حلَّ محلَّ قَدَمِه؟! . ويقال : أراد بالمساجد الأعضاء التي يسجد عليها ، أخبر أنها للّه ، فلا تعبدوا بما للّه غَيْرَ اللّه . ١٩قوله جلّ ذكره : { وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللّه يَدْعُوهُ كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } . لما قام عبد اللّهيعني محمداً عليه السلام يدعو الخَلْقَ إلى اللّه كاد الجنُّ والإنس يكونون مجتمعين عليه ، يمنعونه عن التبليغ . ٢١-٢٢قل يا محمد : { قُلْ إِنِّى لآَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلاَ رَشَداً قُلْ إِنِّى لَن يُجِيرَنِى مَنَ اللّه أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً } . لا أقدر أن أدفع عنكم ضرّاً ، أو أسوق لكم خيراً . . . فكل شيء من اللّه . ولن أجد من دونه ملتجأ : ٢٣{ إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ اللّه وَرِسَالاَتِهِ } . فلن يُنَجِّينِي من اللّه إلا تبليغي رسالاته بأمره . { وَمَن يَعْصِ اللّه وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً } . ٢٥أَي : لا أَدْري ما تُوعَدون من العقوبة ، ومن قيام الساعة أَقريب أم بعيد؟ فكونوا على حذرٍ . ويجب أنْ يتوقَّع العبدُ العقوبات أبداً مع مجاري الأنفاس ليَسلم من العقوبة . ٢٦-٢٧قوله جلّ ذكره : { عَالِمُ الغَيْبَ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ } . فيطلعه بقَدْرِ ما يريده . ٢٨{ لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُواْ رِسَلاَتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَىْءٍ عَدَدَا } . أرسل مع الوحي ملائكةً قُدَّامه وخَلْفه . . هم ملائكةٌ حَفَظَه ، يحفظون الوحيَ من الكهنة والشياطين ، حتى لا يزيدوا أو ينقصوا الرسالاتِ التي يحملها . . . واللّه يعلم ذلك ، وأحاط عِلْمُه به . |
﴿ ٠ ﴾