سورة النازعات١قوله جلّ ذكره : { وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً } . أي الملائكة؛ تنزعُ أرواحَ الكفَّارِ من أبدانهم . { غَرْقاً } : أي إغراقاً كالمُغرِق في قَوْسِه . ويقال : هي النجوم تنزع من مكانٍ إلى مكان . ٢{ وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً } . هي أنفس المؤمنين تَنْشَط للخروج عند الموت . ويقال : هي الملائكة تنشِطُ أرواحَ الكفار ، وتنزعها فيشتدُّ عليهم خروجُها . ويقال : هي الوحوش تنشط من بلدٍ إلى بلدِ . ويقال : هي الأوهاق . ويقال : هي النجوم تنشط من المشارق إلى المغارب ومن المغارب إلى المشارق . ٣{ وَالسَّابِحَاتِ سَبْحاً } . الملائكة تسبح في نزولها . ويقال : هي النجوم تسبح في أفلاكها . ويقال : هي السفن في البحار . ويقال : هي أرواح المؤمنين تخرج بسهولة لشوقها إلى اللّه . ٤{ فَالسَّابِقَاتِ سَبْقاً } . الملائكة يسبقون إلى الخير والبركة ، أو لأنها تسبق الشياطين عند نزول الوحي ، أو لأنها تسبق بأرواح الكفار إلى النار . ويقال : هي النجوم يسبق بعضها بعضاً في الأفول . ٥{ فَالمُدَبِّرَاتِ أَمْراً } . الملائكة تنزل بالحرام والحلال . ويقال : جبريل بالوحي ، وميكائيل بالقَطْرِ والنبات ، وإسرافيل بالصُّور ، ومََلَكُ الموت يَقْبِضِ الأرواح . . عليهم السلام . وجوابُ القَسم قوله : { إِنَّ فِى ذَالِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى } . ٦قوله جلّ ذكره : { يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ } . تتحرك الأرضُ حركةً شديدة . ٧{ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ } . النفخة الأولى في الصُّور . ٨-٩وقيل : الراجفة النفخة الأولى والرادفة النفخة الثانية . { قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ } . خائفة . ١٠{ يَقُولُونَ أَءِنَا لَمَرْدُودُونَ فِى الْحَافِرَةِ } . أي إلى أول أمرِنا وحالنا ، يعني أئِذا متنا نبعث ونُرَدُّ إلى الدنيا ( ونمشي على الأرض بأقدامنا ) ؟ . قالوه على جهة الاستبعاد . ١١{ أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً } . أي بالية . ١٢{ قَالُواْ تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ } . رَجْعَةٌ ذات خسران ( ما دام المصيرُ إلى النار ) . ١٣-١٤قوله جلّ ذكره : { فَإِنَّمَا هِىَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ } . جاء في التفسير إنها أرض المحشر ، ويقال : إنها أرضٌ بيضاء لم يُعْصَ اللّه فيها . ويقال : { الساهرة } نَفْخَةُ الصُّور تذهب بنومهم وتسهرهم . ١٥-١٦قوله جلّ ذكره : { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى } . أي الأرض المطهرة المباركة . { طُوًى } اسم الوادي هناك . ١٧-١٨{ اذْهَبَ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى } . قلنا له : { اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى } ، فقل له : هل يقع لك أَنْ تؤمِنَ وتتطهر من ذنوبك . وفي التفسير : لو قُلْتَ لا إله إلا اللّه فَلَكَ مُلْكٌ لا يزول ، وشبابك لا يهرم ، وتعيش أربعمائة سنةٍ في السرورة والنعمة . . ثم لك الجنة في الآخرة . ١٩{ وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى } . أُقَرِّرُ لك بالآيات صِحَّةَ ما أقول ، وأعرفك صحة الدين . . فهل لك ذلك؟ فلم يَقْبَلْ . ويقال : أظهر له كل هذا التلطُّفَ ولكنه في خَفِيِّ سِرِّه وواجبِ مَكْرِه به أنه صَرَفَ قلبَه عن إِرداة هذه الأشياء ، وإيثار مرادِه على مراد ربِّه ، وألَقى في قلبه الامتناعَ ، وتَرْكَ قبولِ النُّصْح . . وأيُّ قلبٍ يسمع هذا الخطاب فلا ينقطع لعذوبه هذا اللفظ؟ وأيَّ كَبِدٍ تعرف هذا فلا تَتَشَقَّقُ لصعوبة هذا المكر؟ . ٢٠قوله جلّ ذكره : { فَأَرَاهُ الأُيَةَ الْكُبْرَى } . جاء في التفسير : هي إخراجُ يده بيضاءَ لها شعاعٌ كشعاع الشمس . فقال فرعون : حتى أشاوِرَ هامانَ ، فشاوَرَه ، فقال له هامان : أبعد ما كُنْتَ ربًّا تكون مربوباً؟! وبعد ما كنت مَلِكاً تكون مملوكاً؟ فكذَّبَ فرعونُ عند ذلك ، وعَصَى ، وجَمَعَ السَّحَرَة ، ونادى : { فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ الأَعْلَى } . ٢٤ويقال : إنَّ إبليس لمَّا سَمِع هذا الخطابَ فرَّ وقال : لا أطيق هذا! ويقال : قال : أنا ادَّعَيْتُ الخيرية على آدم فلقيت ما لقيت . . وهذا يقول : { أَنَاْ رَبُّكُمُ الأَعْلَى } . ٢٦قوله جلّ ذكره : { إِنَّ فِى ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى } . أي في إهلاكنا فرعون لَعِبْرَةً لمن يخشى . ٢٧-٢٩قوله جلّ ذكره : { ءَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَآءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا } . { فَسَوَّاهَا } جعلها مستوية . { وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا } أظلم ليلها . { ضُحَاهَا } ضوؤُها ونهارها . { دَحَاهَآ } بَسَطَها وَمدَّها . ٣١{ أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَاهَا } . أخرج من الأرض العيون المتفجرة بالماء ، وأخرج النبات . . ٣٢{ وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا } . أَثْبَتَها أوتاداً للأرض . ٣٣{ مَتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ } . أي أخرجنا النبات ليكون لكم به استمتاع ، وكذلك لأَنعامِكم . ٣٤{ فَإِذَا جَآءَتِ الطَآمَّةُ الْكُبْرَى } . الداهية العُظمى . . وهي القيامة . ٣٥{ يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإِنسَنُ مَا سَعَى } . وبرزت الجحيم لمن يرى ، فأمَّا من طغى وكَفَرَ وآثر الحياة الدنيا فإنَّ الجحيمَ له المأوى والمُسْتَقَرُّ والمثوى . ٤٠-٤١{وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الهَوَى فَإِنَّ الجَنَّةَ هِىَ المَأْوَى } . { مَقَامَ رَبِّهِ } : وقوفه غداً في محل الحساب . ويقال : إقبالُ اللّه عليه وأنَّه راءٍ له . . وهذا عينُ المراقبة ، والآخَر محلُّ المحاسبة . { وَنَهَى النَّفْسَ عِنِ الْهَوَى } أي لم يتابع هواه . ٤٢قوله جلّ ذكره : { يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا } . أي متى تقوم؟ ٤٣{ فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا } . مِنْ أَين لك عِلْمُها ولم نعلمك ذلك . ٤٤{ إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَآ } . أي إنما يعلم ذلك ربُّكَ . ٤٥{ إِنَّمَآ أَنتَ مُنِذِرُ مَن يَخْشَاهَا } . أي تخوِّف ، فيقبل تخويفَك مَنْ يخشاها ويؤمن . ٤٦{ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا } . كانهم يومَ يَرَوْن القيامة { لَمْ يَلْبَثُواْ عِشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا } فلشدة ما يرون تقل عندهم كثرةُ ما لبثوا تحت الأرض . |
﴿ ٠ ﴾