سورة عبس١-٢نَزَلَت في ابن أمِّ مكتوم ، وكان ضريراً . . أتى النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم وكان عنده العباس بن عبد المطلب وأمية بن خلف الجُمْحي - يرجو الرسول صلى اللّه عليه وسلم إيمانَهما ، فَكَرِه أَنْ يَقْطَعَ حديثَه معهما ، فأعرض عن ابن أمِّ مكتوم ، وعَبَسَ وَجْهُه ، فأنزل اللّه هذه الآية . وجاء في التفسير : أن النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم خرج على أثرِه ، وأَمَرَ بطلبِه ، وكان بعد ذلك يَبَرُّه ويُكْرِمُه ، فاستخلفه على المدينة مرتين . وجاء في التفسير : أنه صلى اللّه عليه وسلم لم يَعْبَسْ - بعد هذا - في وجهِ فقيرٍ قط ، ولم يُعْرِضْ عنه . ويقال : في الخطاب لُطْفٌ . . . وهو أنه لم يواجهه بل قالَه على الكناية . ٣{ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى } . أي يتذكر بما يتعلم منك أو . ٤{ أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى } . ٥-٦قوله جلّ ذكره : { أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى } . أمَّا مَنْ استغنى عن نَفْسِه فإنه استغنى عن اللّه . ويقال : استغنى بما له فأنت له تصدَّى ، أي تُقْبِلُ عليه بوجهك . ٧{ وَمَا عَلَيْكَ } فأنت لا تُؤَخَذُ بألا يتزكّى هو فإنما عليكَ البلاغ . ٨{وَأَمَّا مَن جَآءَكَ يَسْعَى } . لطَلَبِ العِلْم ، ويخشى اللّه فأنت عنه تَتَلَهَّى ، وتتشاغل . . . وهذا كله مِنْ قبيلِ العتاب معه لأَجْلِ الفقراء . ١١-١٢{ كَلآَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ } . القرآن تذكرة؛ فَمَنْ شاء اللّه أن يَذْكُرَه ذَكُرَه ، ومَنْ شاء اللّه ألا يَذْكُرَه لم يُذَكِّرْه؛ أي بذلك جرى القضاءُ ، فلا يكون إلا ما شاء اللّه . ويقال : الكلامُ على جهة التهديد؛ ومعناه : فَمَنْ أراد أن يذكره فليذكره ، ومن شاء ألا يذكره فلا يذكره! كقوله : { فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ }[ الكهف : ٢٩ ] . وقال سبحانه : { ذَكَرَهُ } ولم يقل ( ذَكَرَها ) لأنه أراد به القرآن . ١٣قوله جل ذكره : { فِى صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ } . أي صحف إبراهيم وموسى وما قبل ذلك ، وفي اللوح المحفوظ . ١٤{ مَّرْفُعَةٍ مُّطَهَّرَةِ } . مرفوعة في القَدْر والرتبة ، مطهرة من التناقض والكذب . ١٥{ بِأَيْدِى سَفَرَةٍ } . أي : الملائكة الكَتَبة . ١٦{ كِرَامِ بَرَرَةٍ } . كرام عند اللّه بَرَرَة . ١٧قوله جلّ ذكره : { قُتِلَ الإِنسَانُ مَآ أَكْفَرَهُ } . لُعِنَ الإنسان ما أعظم كُفْره! . . ١٨-١٩{ مِنْ أَىِّ شَىْءٍ خَلَقَهُ مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ } . خَلَقَه وصَوَّرَه وقَدَّره أطواراً : من نطفةٍ ، ثم عَلَقَةٍ ، ثم طوراً بعد طور . ٢٠قوله جلّ ذكره : { ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ } . يَسَّّرَ عليه السبيلَ في الخير والشرِّ ، وألهمه كيف التصرُّف . ويقال : يَسَّرَ عليه الخروجَ من بطن أُمِّه يخرج أولاً رأسه منكوساً . ٢١{ ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ } . أي : جعل له قَبْراً لئلا تفترِسَه السِّباعُ والطيورُ ولئلا يفتضح . ٢٢{ ثُمَّ إذَا شَآءَ أَنشَرَهُ } . بَعَثَه من قبره . ٢٣{ كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَآ أَمَرَهُ } . أي : عصى وخالَفَ ما أُمِرَ به . ويقال : لم يقضِ اللّه له ما أمره به ، ولو قضى عليه وله ما أمره به لَمَا عصاه . ٢٤-٢٩قوله جلّ ذكره : { فَلْيَنْظُرِ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَآءَ صَبّاً ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقّاً فَأَنبَتّنَا فِيهَا حَبّاً وعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً وَحَدَآئِقَ غُلْبَاً } . في الإشارة : صَبَبْنا ماءَ الرحمةِ على القلوب القاسية فَلانَتْ للتوبة ، وصببنا ماءَ التعريف على القلوب فنبتت أزهارُ التوحيد وأنوارُ التجريد . { وَقَضْباً } أي القَتّ . ٣٠{ َوَحَدَآئِقَ غُلْباً } متكاثفةً غلاظاً . ٣١{ وَفَاكِهَةً وَأَبّاً } . الفاكهة : جمع الفواكه ، و { وَأَبّاً } : المرعى . ٣٢-٣٣{ مَّتَاعاً لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ . . . } . { فَإِذَا جَآءَتِ الصَّآخَّةُ } أي : القيامة؛ فيومئذٍ يفر المرء من أخيه ، وأمه وأبيه ، ثم بيَّن ما سبب ذلك فقال . ٣٧{ لِكُلِّ امْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } . لا يتفرَّغ إلى ذاك ، ولا ذاك إلى هذه . كذلك قالوا : الاستقامةُ أَنْ تشهدَ الوقتَ قيامةً ، فما من وليٍّ ولا عارفٍ إلاَّ وهو - اليومَ - بقلبه يَفِرُّ من أخيه وأمه وأبيه ، وصاحبته وبنيه . فالعارفُ مع الخَلْق ولكنه يُفَارقهم بقلبه - قالوا : فلقد جعلتك في الفؤادِ مُحَدِّثي ... وأَبَحْتُ جسمي مَنْ أراد جلوسي ٣٨-٣٩قوله جلّ ذكره : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ } . وسببُ استبشارهم مختلفٌ؛ فمنهم مَنْ استبشاره لوصوله إلى جنَّته ، ومنهم لوصوله إلى الحور العين من حظيته . . . ومنهم ومنهم ، وبعضهم لأنه نظر إِلى ربِّه فرآه . ٤٠-٤٢{ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرةٌ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرةُ } . وهي غَبَرةُ الفُسَّاق . { تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ } . وهي ذُلُّ الحجاب . |
﴿ ٠ ﴾