سورة البلد١قوله جل ذكره : { لآَ أُقْسِمُ بِهَذَا البَلَدِ } . أي : أُقْسِم بهذا البلد ، وهو مكة . ٢{ وَأَنتَ حِلُّ بِهَذَا الْبَلَدِ } . وإنما أُحِلَّتْ له ساعةً واحدةً . ٣{ وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ } . كلِّ والدٍ وكلِّ مولود . وقيل : آدم وأولاده . ٤وجواب القسم : { لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِى كَبَدٍ } . ويقال : أُقسم بهذا البلد لأنك حِلٌّ به . . وبَلَدُ الحبيبِ حبيبٌ . { لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِى كَبَدٍ } . أي : في مشقة؛ فهو يقاسي شدائد الدنيا والآخرة . ويقال : خَلَقه في بطن أمه ( منتصباً رأسُه ) فإذا أذِنَ اللّه أن يخرج من بطن أمِّه تنكَّس رأسُه عند خروجه ، ثم في القِماط وشدِّ الربِّاط . . ثم إلى الصِّراط هو في الهِياط والمِياط . ٥قوله جل ذكره : { أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ } . أي : لقَّوته وشجاعته عند نَفْسِه يقول : ٦{ يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً } . { لبداً } كثيراً ، في عداوة محمد صلى اللّه عليه وسلم . ٧{ أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ } . أليس يعلم أنَّ اللّه يراه ، وأَنه مُطَّلِعٌ عليه؟ ٨-٩قوله جل ذكره : { أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ } . أي : ألم نخلقه سميعاً بصيراً متكلِّماً . ١٠{ وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ } . الهمناه طريق الخيرِ والشِّر . ١١-١٦{ فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِى يَوْمٍ ذِى مَسْبَغَةٍ يَتِيماً ذَا مَقْرَبةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } . أي : فهلاَّ اقتحم العقبة { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ } استفهام على التفخيم لشأنها . ويقال : هي عَقَبَةٌ بين الجنة والنار يجاوزها مَنْ فَعَلَ ما قاله : وهو فكُّ رقبة؛ أي : إعتاقُ مملوك ، والفكُّ الإزالة . وأطعم في يومٍ ذي مجاعةٍ وقحطٍ وشدَّةٍ يتيماً ذا قربة ، أو { أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } : لا شيء له حتى كأنه قد التصق بالتراب من الجوع . ١٧قوله جل ذكره : { ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وتواصوا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَواْ بِالْمرْحَمَةِ } . أي : من الذين يرحم بعضُهم بعضاً . ١٨{ أُوْلئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ } . أي : أصحاب اليُمْنِ والبركة . ١٩-٢٠{ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ بِئَايَتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْئَمَةِ عَلَيْهِم نَارٌ مُّؤْصَدَةُ } . هم المشائيمُ على أنفسهم ، عليهم نارٌ مُطْبِقَة؛ يعني أبواب النيران ( عليهم مغلقة ) . والعقبة التي يجب على الإنسان اقتحامها : نَفْسُه وهواه ، وما لم يَجُزْ تلك العقبة لا يفلح و { فَكُّ رَقَبَةٍ } هو إعتاقُ نَفْسِه من رِقِّ الأغراض والأشخاص . ويكون فك الرقبة بأن يهدي مَنْ يفكُّه - من رق هواه ونفسه - إلى سلامته من شُحِّ نفسه ، ويرجعه إليه ، ويخرجه من ذُلِّه . ويكون فكُّ الرقبة بالتَّحرُّزِ من التدبير ، والخروج من ظلمات الاختيار إلى سعة الرضاء . ويقال : يطعم من كان في متربة ويكون هو في مسبغة . { ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ } أي تكون خاتمته على ذلك . |
﴿ ٠ ﴾