سورة الإخلاص١قوله جل ذكره : { قُلْ هُوَ اللّه أَحَدٌ } . لمَّا قال المشر كون : أُنسُبْ لنا ربَّكَ : أنزل اللّه تعالى : { قُلْ هُوَ اللّه أَحَدٌ } . فمعنى ( هو ) أي : الذي سألتُم عنه ( هو ) اللّه . ومعنى ( أحد ) أي : هو أحدٌ . ويقال : ( هو ) مبتدأ ، ( واللّه) خبره و ( أحد ) خبرٌ ثانٍ كقولهم : هذا حلوٌ حامض . { اللّه الصَّمَدُ } . ٢{ الصمد } : السيِّدُ الذي يُصْمَدُ إليه الحوائج ، ويُقْصَدَ إليه في المطالب . ويقال : الكاملُ في استحقاق صفات المدح . ويرجِّج تحقيقُ قولِ مَنْ قال : إنه الذي لا جوفَ له إلى أنه واحدٌ لا ( . . . ) في ذاته . ٣{ لَمْ يَلِدْ وَلَم يُولَدْ } . ليس بوالدٍ ولا مولود . ٤{ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدُ } . تقديره لم يكن أحدٌ كفواً له . و ( أحد ) أصله وَحْدٌ ، ووِحَدٌ وواحد بمعنًى ، وكونه واحداً : أنه لا قسيمَ له ولا شبيهَ له ولا شريكَ له . ويقال : السورة بعضها تفسيرٌ لبعض؛ مَنْ هو اللّه؟ هو اللّه . مَنْ اللّه؟ الأحد ، مَنْ الأحد؟ الصمد ، مَنْ الصمد؟ الذي لم يلد ولم يولد ، مَنْ الذي لم يلد ولم يولَد؟ الذي لم يكن له كفواً أحد . ويقال : كاشَفَ الأسرارَ بقوله : ( هو ) . وكاشَفَ الأرواحَ بقوله : ( اللّه ) وكاشَفَ القلوبَ بقوله : ( أحد ) . وكاشَفَ نفوسَ المؤمنين بباقي السورة . ويقال : كاشَفَ الوالهين بقوله : ( هو ) ، والموحَّدين بقوله : ( اللّه) والعارفين بقوله : ( أحد ) والعلماء بقوله : ( الصمد ) ، والعقلاء بقوله : { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } . إلى آخره . ويقال : لمَّا بسطوا لسانَ الذمِّ في اللّه أمَرَ نبيَّنا بأنْ يَرُدَّ عليهم فقال : { قُلْ هُوَ اللّه أَحَدٌ }. أي ذُبَّ عني ما قالوا ، فأنت أولى بذلك . وحينما بسطوا لسان الذمِّ في النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم تولَّى الحقُّ الردَّ عليهم . فقال : {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ } [ القلم : ١ ، ٢ ] وقال : { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى } [ النجم : ١ ٢ ] أي أنا أذبُّ عنك؛ فأنا أولى بذلك منك . ويقال : خاطَبَ الذين هم خاص الخواص بقوله : ( هو ) فاستقلوا ، ثم زاد لمن نزل عنهم فقال : ( اللّه ) ، ثم زاد في البيان لمن نزل عنهم . فقال : ( أحدٌ ) ثم لمن نزل عنهم فقال : ( الصمد ) . ويقال : الصمدُ الذي ليس عند الخَلْقُ منه إلا الاسم والصفة . ويقال : الصمدُ الذي تقدَّس عن إحاطةِ عِلْمِ المخلوقِ به وعن إدراك بَصَرهم له ، وعن إشرافِ معارفهم عليه . ويقال : تقدَّسَ بصمديته عن وقوف المعارف عليه . ويقال : تنَزَّه عن وقوف العقول عليه . |
﴿ ٠ ﴾