٤٥وقوله: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ (٤٥) يحتمل وجوهًا: يحتمل: أَن استعينوا بالصبر على ترك الرئاسة والمأكلة في الدنيا؛ لأَن الخطاب كان للرؤساءِ منهم بقوله: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ) إلى قوله: (وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ) والله أعلم. ويحتمل: أن اصبروا على ترك الرئاسة لمُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، والانقياد والخضوع له، لما بمن لكم من الثواب الآخرة لمن آمن به وأَطاعه، وترَكَ الرئاسةَ له. ويحتمل: أَن اصبروا على المكاره وترك الشهوات؛ بأن الجنة لا تدرك إلا بذلك؛ لما جاءَ: " حفت الجنة بالمكاره، والنار بالشهوات ". ويحتمل؛ أن استعينوا بالصوم والصلاة على أَدَائهما. لكن هذا يرجع إلى المؤمنين، والآية نزلت في رؤساء بني إسرائيل، دليله قولُه: (وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ). وإنما يصلح هذا التأويل قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا. . .) الآية. وقوله عَزَّ وَجَلَّ: (وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ). يُخرَّج -واللَّه أعلم- على ما ذكرنا من ترك الرئاسة، والمأْكلة في الدنيا، إنها لكبيرة عليهم إلا على الخاشعين، فإنها غير كبيرة، ولا عظيمة عليهم. ويحتمل: أنَ تركَ الرئاسة لمُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - والانقياد له، والخضوع - لثقيل إلا على الخاشعين؛ فإنه لا يثقل ذلك عليهم، ولا يكبر. ويحتمل أَن يقال: إن الصبر على الطاعة، وأداء هذه الفرائض كبيرة على المنافقين إلا على المؤمنين خاصة، فإنه لا يتعاظم ذلك عليهم. وقيل: إن تحويل القبلة إلى الكعبة لثقيل على اليهود، واللّه أعلم. وقوله: {إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ}. قيل فيه بوجوه: قيل: الخاشع؛ هو الخائف بالقلب. وقيل: الخاشع؛ المتواضع. وقيل: الخاشع -ها هنا- المؤمن. وقال الحسن: الخشوع هو الخوف اللازم بالقلب. |
﴿ ٤٥ ﴾