٤٧وقوله: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ}. يحتمل وجوها: يحتمل: (أنعمت عليكم) بمُحَمَّد - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، وذلك أن الناس كانوا على فترة من الرسل، وانقطاع من الوحي، واختلاف من الأديان والمذاهب؛ فبعث اللّه - تعالى - محمدًا - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ ليجمعهم ويدعوهم إلى دين اللّه، ويؤلف بينهم، ويخرجهم من الحيرة والتيه، وذلك من أعظم نعمة أنعمها عليهم، وباللّه التوفيق. وذلك أيضًا يُحْتمل فيما تقدم من الآيات. وقوله: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي. . .} والآية. وقوله: {وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ} يعني محمدا - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -. وعهدُه في الأرض رسولُه، كقوله: {وَإِذْ أَخَذَ اللّه مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ} إلى قوله: {وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي}، أي: عهدى. وعلى ذلك قوله: {وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ}، يعني: بمُحَمَّد - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -. وقوله: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ}، يعني: محمدًا - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -. وكذلك قوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}، أَمكن تخريج هذه الآيات كلها على مُحَمَّد - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -. ويحتمل أيضا قوله: {نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} الوجوه التي ذكرنا. أحدها: أن جعل منكم الأنبياء والملوك؛ كقوله: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّه عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا}. كما قيل: إن كل نبي من لدن يعقوب إلى زمن عيسى عليه السلام كان من بني إسرائيل. ويحتمل: ما آتاهم - عَزَّ وَجَلَّ - من أنواع النعم ما لم يؤت أَحدًا من العالمين؛ فَضلوا أَنفسهم على العالمين، لا هو، فكيف يَمُنُ عليهم بذلك؟! ولا قوة إلا باللّه. مع ما لا يخلو تفضيله إياهم على غيرهم من أَن يكون لهم الفضلُ في الدِّين أَولًا. فإن لم يكن فليس ذلك بتفضيل. وإن كان ثبث أَنْ ليس من الحق عليه التسويةُ بين الجميع في أسباب الدِّين. |
﴿ ٤٧ ﴾