٨٥

وقوله: (ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ (٨٥)

يعني: يا هَؤُلَاءِ.

وقوله: {تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ}.

يحتمل الوجهين اللذَين ذكرتهما في قوله: {لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ}.

وقوله: {تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ}.

أي: تَعَاوَنُون عليهم، يُعاون بعضكم بعضًا بالإخراج، وهو الظلم والعدوان.

وقوله: {وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ}.

أي: ذلك الإخراج محرم عليكم.

وقوله: {وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ. . .}.

الآيةُ -وإن كانت مؤخرة في الذكر- فهي مقدمة؛ كأَنه قال: لا تسفكون دماءَكم ولا تخرجون أَنفسكم، وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ.

وقوله: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ}.

آمنوا بالمفَاداة من الأسارى، وكفروا بالإخراج وسفك الدماءِ.

ويحتمل: الإيمان ببعض ما في التوراة، وكفروا ببعضها، وهو نَعْت مُحَمَّد - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وصفته؛ إذ لم يكن على موافقة مُرادهم.

ويحتمل: أَن فادوا أَسراهم من غيرهم، وسَبَوْا ذَرَاري غيرهم.

وقوله: {فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ}.

قيل: الخزي في الدنيا إِجلاءُ بني النضير من ديارهم، وإخراجهم إلى الشام.

وقيل: مقاتلةُ بني قريظةَ، وسبي ذراريهم، وذلك لحربٍ وقع بينهم، واللّه أعلم.

ويحتمل قوله: {فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}. ولكن لا يعاقبون في الدنيا، بل يردون إلى أشد العذاب في الآخرة، وإن استوجبوا ذلك في الدنيا؛ كقوله: {إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ. . .} الآية.

وقوله: {وَمَا اللّه بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}. وعيد. قد ذكرنا ذلك فيما تقدم.

﴿ ٨٥