٩٣وقوله: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ (٩٣) قد ذكرنا هذا فيما تقدم ما فيه مقْنع، إن شاءَ اللّه تعالى. وقوله: {وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا}. يحتمل وجهين: يحتمل: اسمعوا، أي: أَجيبوا. ويحتمل: اسمعوا: أَطيعوا، لكن هذا فيما بين الخلق جائز السمع والطاعة. وأَما إِضافة الطاعة إلى اللّه - عَزَّ وَجَلَّ - فإِنه غير جائز؛ إذ لا يجوز أَن يقال: أَطاع اللّه. وأَما السمع فإنه يجوز؛ لقوله: " سمع اللّه لمن حمده ". {قَالُوا سَمِعْنَا} قولك، {وَعَصَيْنَا} أمرك. لكن قولهم: {وَعَصَيْنَا} لم يكن على أثر قولهم: {سَمِعْنَا}، ولكن بعد ذلك بأوقات؛ لأَنه قيل: لما أَبوا قبول التوراة؛ لما فيها من الشدائد والأَحكام، رفع اللّه الجبل فوقهم، فقبلوا؛ خوفًا من أن يرسل عليهم الجبلَ، وقالوا: أَطعنا، فلما زايل الجبل، وعاد إلى مكانه، فعند ذلك قالوا: {وَعَصَينَا}، وهو كقوله: {ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} فالتولي منهم كان بعد ذلك بأَوقات. وقوله: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ}. قيل: أشربوا، أَي: جُعل في قلوبهم حب عبادة العجل بكفرهم باللّه عَزَّ وَجَلَّ. وقيل: سُقُوا حُبَّ العجل. وقيل: إِن موسى لما أَحرق العجل، ونسفه في البحر جعلوا يشربون منه لحبهم العجل. وقيل: لما أَحرق ونسف في البحر جعلوا يلحسون الماء. حتى اصفرت وجوههم. وقيل: إنهم لما رأوا في التوراة ما فيها من الشدائد، قالوا عند ذلك: عبادةُ العجل علينا أَهون مما فيها من الشرائع. وكله يرجع إلى وأحد، وذلك كله آثار الحب. وقوله: {قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}. قيل: قل يا مُحَمَّد: بئسما يأْمركم إيمانكم بالعجل الكفرَ باللّه عَزَّ وَجَلَّ. وقيل: إن اليهود ادعوا أَنهم مؤمنون بالتوراة؛ فقال: {بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ} أي بالتوراة؛ إذ كفرتم بمُحَمَّد - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، وقد وجدتم فيها نعته وصفته. |
﴿ ٩٣ ﴾