١١٢

دخول غيرهم، وهو قوله: (بَلَى (١١٢)

- يدخل الجنة - {مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للّه وَهُوَ مُحْسِنٌ}.

ألا ترى إلى ما رُويَ عن رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: " لا نكاح إلا بشهود " ليس فيه إثبات النكاح إذا كان ثم شهود؛ ولكن فيه نفى النكاح بغير شهود تصريحًا.

ألا ترى أَن من قال: لا نكاح إلا بشهود، لا يسأل أن: لِم قلت: إن النكاح يجوز بالشهود؟ ولكن يسأَل أنْ: لِمَ قلت: إنه لا يجوز بغير شهود؟ فعلى ذلك قوله: {لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} ليس فيه إثبات الدخول لهم تصريحًا، وفيه نفي دخول غيرهم تصريحًا، واللّه أعلم.

وقوله: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للّه وَهُوَ مُحْسِنٌ}.

قد قلنا إنه خرج مخرج الرد عليهم، والإنكار لحكمهم على اللّه؛ فقال: بل يدخلها من أسلم وجهه للّه وهو محسن.

ثم اختلف في قوله: {أَسْلَمَ وَجْهَهُ للّه}.

قيل: أخلص دينه للّه وعمله.

وقيل: أَسلم نفسه للّه.

وقد يجوز أن يذكر الوجه على إرادة الذات، كقوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} أي: إلا هو.

وقيل: أَسلم، أي: وجه أمره إلى دينه فأخلص. وبعضُه قريب من بعض.

أَسلم نفسه للّه أَي بالعبودية؛ كقوله: {وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ}.

وذلك معنى الإسلام: أن تُخْلص نفسك للّه، لا تجعل لأحد شركًا من عبودة، ولا من عبادة.

وقوله: {فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.

قد ذكرنا متضمنها فيما تقدم.

﴿ ١١٢