١١٤

وقوله: {وَمَنْ أَظْلَمُ}.

يقول: لا أَحد أَظلم لنفسه، ولا أوضع لها.

وقوله: {مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللّه أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}.

اختلف فيه:

قيل: مساجد اللّه: الأَرض كلها؛ لأَن الأَرض كلها مساجد اللّه؛ كقوله - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " جُعِلَت لي الأَرض مسجدًا وطَهورًا " منع أَهلُ الكفر أَهلَ الإسلام أَن يذكروا فيها اسم اللّه، وأَن يُظهروا فيها دينه.

وقوله: {وَسَعَى فِي خَرَابِهَا}.

وهو كقوله: {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا}.

ويخرج قوله: {أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ}.

أي: لا يدخلون البلدان والأَمصار إلا بالخوف، أَو بالعهد؛ كقوله: {إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللّه وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ}، وهو العهد.

ويحتمل قوله: {مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ}: ما كان ينبغي لهم -بما عليهم من حق اللّه، وتعظيمه- أَن يدخلوا المساجد إلا خائفين وجلين؛ لما كانت هي بقاع اتخذت لعبادة اللّه، ونسبت إليه تعظيمًا لها؛ فدخلوا مخرِّبين لها، مانعين أَهلها من عبادة اللّه فيها.

وقيل: مساجد اللّه: المسجد الحرام.

وذلك أَنهم حالوا بينها وبين دخول مُحَمَّد - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وأَصحابه فيها، حتى رجعوا من عامهم ذلك. ثم فتح اللّه - عَزَّ وَجَلَّ - مكة لهم، فصار لا يدخلها مشرك إلا خائفًا؛ كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -:

{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا}.

وقيل: أراد بمساجد اللّه: بيت المقدس؛ قيل: إن النصارى استعانوا ببُختنصر وهو رئيس المجوس، حتى خربوا المساجد، وقتلوا من فيها من أَهل الإسلام، ثم بنى أَهل الإسلام -بعد ذلك بزمان- مساجد، فكان لا يدخل نصراني فيها إلا خائفا، مستخفيًا. واللّه أعلم.

وقوله: {لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ}.

قيل: الخزى: الجزية. ويحتمل القتال، {وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.

﴿ ١١٤