١٢٤وقوله: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ (١٢٤) قيل: الابتلاء والامتحان في الشاهد: استفادة علم خَفِيَ عليه من الممتحن والمبتلى به، ليقع عنه علم ماكان ملتبسًا عليه. وفي الغائب لا يحتمل ذلك؛ إِذ اللّه - عَزَّ وَجَلَّ - عالم في الأَزل بما كان، وبما يكون في أَوقاته أبدًا. ثم يرجع الابتلاء منه إلى وجوه: أَحدها: أَن يخرج مخرج الأَمر بالشيء أَو النهي عنه، لكن الذي ذكر يظهر بالأمر والنهي؛ فسمى ابتلاء من اللّه تعالى. والثاني: ليكون ما قد علم اللّه أَنه يوجد موجودًا، وليكون ما قد علم أنه سيكون كائنًا. وعلى هذا يخرج قوله: {حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ}، حتى نعلمه موجودًا، كما علم أَنه يوجد؛ كما قال: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ}، علم الغيبَ، علم أنه مُوجَد. وَعلم الشهادةَ، عَلِم به موجودًا، حتى يوجد الذي علم أَنه يجاهد منهم - مجاهدًا، والذي، يصبر منهم صابرًا. ثم اختلف في الكلمات التي ابتلاه بها: فقَالَ بَعْضُهُمْ: الكلمات: هي التي ذكرت في سورة الأَنعام، وهو قوله: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا}، ورأَي القمر بازغًا، ورأَي الشمس بازغة، هي الحجج التي أَقامها على قومه بقوله: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ}. وقيل: ابتلاه بعشر ففعلهن: خمسةً في الرأْس، وخمسة في الجسد. لكن في هذا ليس كبيرُ حكمةٍ؛ إِذ يفعل هذا كل واحد، ولكن الحكمة فيه هي: ما قيل: إن ابتلاءه بالنار، حيث أُلْقي فيها، فصبر، حتى قال له جبريل: " أَتستعين بي؟ قال: أَمَّا منْك فلا ". وقال الحسن: لا ينال الظالم في الآخرة العهدَ. ويحتمل: أَن يكون المراد من ذلك: وذريتي، فأخبر أَن فيهم من لا يصلح لذلك. ويحتمل: أَن يريد به الإمامَة لَا النبوة، وقد كانت هي في نسل كل الفرق، والنبوةُ كانت فيهم. ويحتمل: أَن يكون قصدَ خصوصًا من ذريته، ممن علم اللّه أَن فيهم من لا يصلح لذلك. ولا يحتمل: أن يريد به الإمامَة لا النبوة وقد ذكر، أَو قال الإنسان: قيل له: إِنه من ذريتك لكن لا ينال من ذكر؛ ولهذا خص بالدعاءِ من آمن منهم دون من كفر. |
﴿ ١٢٤ ﴾