١٣٢

وقوله: (وَوَصَّى (١٣٢)

يعني بالملة. والملةُ تحتمل ما ذكرنا.

وقوله: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّه اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.

وهو الإسلام؛ ردا على قول أُولَئِكَ الكفرة: إِن إبراهيم كان على دينهم؛ لأَن اليهود زعمت أَنه كان على دينهم يهوديا. وقالت النصارى: بل كان على النصرانية. وعلى ذلك قالوا لغيرهم: {كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا}.

فلما ادَّعى كلُّ واحد من الفريقين: أَنه كان على دينهم، أَكذبهم اللّه - عَزَّ وَجَلَّ - في قولهم، ورد، عليهم في ذلك فقال: قل يا مُحَمَّد: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا}؛ فعلى ذلك قوله: {اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.

أَخبر - عَزَّ وَجَلَّ - أَن دينه كان دينَ الإسلام، وهو الذي اصطفاه له، لا الدِّين الذي اختاروا هم من اليهودية والنصرانية؛ لقوله تعالى: (أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى (٢٤) فَللّه الْآخِرَةُ وَالْأُولَى (٢٥)، أي ليس له.

* * *

﴿ ١٣٢