١٤٥وقوله: (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ (١٤٥) في قوم علم اللّه أنهم لا يؤمنون ولا يتابعون محمدًا - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في قبلته حيث آيسه عن متابعتهم إياه؛ لأنها لو كانت في أهل الكتاب كلهم لكان لهم الاحتجاج على رسول اللّه - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، ودعوى الكذب عليه؛ لأن من أهل الكتاب من قد آمن. فدل أنهم لم يفهموا من عموم اللفظ عموم المراد، ولكن فهموا من عموم اللفظ خصوصًا. وكان ظاهرًا في أهل الإسلام وأهل الكفر جميعًا المعنى الذي وصفنا لك. فظهر أنه لا يجوز أن يفهم من مخرج عموم اللفظ عموم المراد. وفيه دلالة إثبات رسالة مُحَمَّد - صَلَّى اللّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ لأنه في موضع الإخبار بالإياس عن الاتباع له. ولا يوصل إلى مثله إلا بالوحي عن اللّه عَزَّ وَجَلَّ. وفيه أن كثرة الآيات وعظمها في نفسها لا يعجز المعاند عن اتباع هواه والاعتقاد لما يخالف هواه. {وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ}. فيه الوعد له بالعصمة في حادث الوقت وما يتلوه. ويحتمل قوله: {وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ}، أي وما لك أن تتابعهم في القبلة، وهذا التأويل كأنه أقرب لما خرج آخر الآية على الوعيد له بقوة. وقوله: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ}. وقد ذكرنا أن العصمة لا تمنع النهي. ويحتمل: أن يكون المراد من الخطاب غيره. |
﴿ ١٤٥ ﴾