١٨٥وقوله عَزَّ وَجَلَّ: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ (١٨٥). قوله: {هُدًى لِلنَّاسِ}. قيل: يهتدون به الطريق المستقيم. وقيل: بيان للناس من الضلالة. وقوله: {وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى}. قيل: حجج للناس إذا تأملوه. - وقيل: {وَبَيِّنَاتٍ} أي: فيه الحلال، والحرام، والأحكام، والشرائع. وقوله: {وَالْفُرْقَانِ}. قيل: يفرق بين الحق والباطل. وقيل: {وَالْفُرْقَانِ}، المخرج في الدِّين من الشبهة والضلالة. قال ابن عَبَّاسٍ - رضي اللّه تعالى عنه -: " نزل الفرقان إلى السماء الدنيا من اللوح جملة في شهر رمضان في ليلة القدر -في ليلة مباركة- جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلًا رسلًا في الشهور والأيام على قدر الحاجات ". وقولهه تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}. يحتمل قوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} وهو مقيم صحيح، {فَلْيَصُمْهُ}. ثم رخص للمريض والمسافر الإفطار بقوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. ويحتمل قوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ} أي: من شهد منكم بعقله الشهر {فَلْيَصُمْهُ} فلا يدخل في الخطاب المجانين ولا الصبيان، ألا ترى أن أول الخطاب خرج للمؤمنين بقوله عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} فهَؤُلَاءِ لم يدخلوا فيه؛ فدل أن قوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ} أي؛ شهد منكم بعقله، {فَلْيَصُمْهُ}. ثم يحتمل أن تكون فرضية الصوم بقوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَلْيَصُمْهُ}. {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}: أي: ربكم بهذه النعم التي أنعمها عليكم. ويحتمل: أنه أمر بالتعظيم له والشكر لما رخص لهم الإفطار في السفر والمرض. واللّه أعلم. * * * |
﴿ ١٨٥ ﴾