١٨٦وقوله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ}. هو على الإضمار - واللّه أعلم - كأنه قال: وإذا سألك عبادي: " أين أنا عن إجابتهم "، فقل لهم: إني قريب الإحسان، والبر، والكرامة لمن أطاعني. ويحتمل: {فَإِنِّي قَرِيبٌ}. قرب العلم والإجابة، لا قرب المكان والذات كقرب بعضهم من بعض في المكان؛ لأنه كان ولا مكان، ويكون على ما كان، وكذلك قوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللّه بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، وكقوله: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}، {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ} كل ذلك يرجع إلى قرب العلم والإحاطة وارتفاع الجهات، لا قرب الذات على ما ذكرنا. وإن كانت القصة على ما قاله بعض أهل التفسير: بأن اليهود قالوا: كيف يسمع ربك دعاءنا، وأنت تزعم أن بيننا وبين السماء مسيرة خمسمائة عام، وأن غلظ كل سماء مسيرة خمسمائة عام؟! فنزل قوله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ}، هذا لما لم يعرفوا الصانع؛ ألا تراهم جعلوا له الولد، وجعلوا له شركاء، فخرج سؤالهم، إن كان، مخرج سؤال المتعنت، لا سؤال المسترشد. وقوله: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}. أي: أقبل توحيد الموحد. وكذلك قال ابن عَبَّاسٍ، رضيَ اللّه تعالى عنه، في قوله: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}، أي: وحدوني أغفر لكم. وقيل: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ}، على حقيقة الإجابة. وقوله: {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي}. أي: إلى ما دعوتهم. يحتمل: على ما ذكرنا في قوله؛ {أُجِيبُ} لكم، إذا استجبتم لي بالطاعة والائتمار. ويحتمل: {أُجِيبُ} لكم، إذا أخلصتم الدعاء لي. ويحتمل: على ابتداء الأمر بالتوحيد، كأنه قال: وحدوني. ألا ترى أنه قال: {وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} إذا نعلوا ذلك. |
﴿ ١٨٦ ﴾